للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِن الحَرْبي العُشْرَ، إِنْ لم يُعْلم ما يَأْخُذون مِنَّا، وإِنْ عُلِمَ أُخِذَ مِثْلُه، إِنْ كان بَعْضًا، ولَم يُؤخَذ منه إِن لم يأخذوا منّا.

وعُشِّرَ خَمْرُ الذِّمِّيِّ، لا خِنْزيرُهُ

===

يحلفان لأَنهما مُنْكِرانِ ثبوتَ الحَقِّ عليهما معنىً، وإِنْ كانا مُدَّعيين صورةً. قيدنا بالمصر لأَنهما لو ادَّعيا الأَداء بعد الخروج من المصر لا تُقبل. وقَيَّد «بغير السوائم» لأَنَّ حقّ الأَخْذِ في السوائم للإِمام كالجزية، فلا يُصدَّقان. وصَدَّقهما مالك والشافعي لأَنهما أَوْصلا الحق إِلى مُستحِقّه.

ثمَّ قيل: عندنا الزكاة هو الأَول (١) ، والثاني (٢) سياسة مالية زجراً لغيره عن الإِقْدام عمَّا ليس له، وقيل: هو الثاني، والأَول يَنْقَلِبُ نَفْلاً.

(ومِن الحَرْبي) أَي ويَأْخذُ من الحربي (العُشْرَ، إِنْ لم يُعْلم ما يَأْخُذون مِنَّا، وإِنْ عُلِمَ أُخَذَ مِثْلَهُ، إِنْ كان) ما يأخذونه (٣) (بَعْضاً) من المال، وإِن كان مَأْخوذُهم كلَّه أُخِذَ منهم، خلا ما يُوصلهم إِلى مأْمنهم، وقيل: يُؤخذ منه الكلُّ مجازاةً وزجراً لهم عن مِثْله. قلنا: ذلك بعد التأمين غَدْرٌ وهو حرامٌ لِنَهْيه صلى الله عليه وسلم عنه، فصار كما لو قتلوا من دخل إليهم بأمانٍ، فإنا لا نفعل كذلك (لذلك) (٤) (ولَم يُؤخَذ منه) أي من الحربي (إِنْ لم يأخذوا منّا)، لأنَّا أحقّ بمكارم الأَخلاق منهم.

(وعُشرَ خَمْرُ الذِّمِّيِّ) بأَنْ يَأْخذ العاشِرُ نِصف عُشْر قيمتها كما يُؤخذ من الحربي عشر قيمته (لا خِنْزيرُهُ) وكذا خِنْزِير الحَرْبي. وقال زُفَر: يُعْشَّرَانِ لاستوائهما في المالية عند أَهلِ الذِّمة. وقال أَبو يوسف: إِنْ مَرَّ بهما جُمْلَةً عُشَّرا كأَنه جعل الخنزير تَبَعاً للخَمْر، وإِنْ مَرَّ بأَحدهما عَشَر الخمر دون الخنزير، لأَن الخمر لها مالية في الجملة باعتبار التخليل.

ولأَبي حنيفة: أَنَّ القيمة في ذوات القِيَم لها حكم العين، والخنزير من ذوات القيم، والقيمة في ذوات الأَمثال ليس لها حكم العين، والخمر من ذوات الأَمثال. وفي «الغاية»: تُعرف قيمة الخمر بقَوْلِ فَاسِقَيْنِ تابا، أَوْ ذِمِّيين أَسلما. وفي «الكافي»: تُعرف


(١) أي الأداء الأول الذي ادّعيَا أنهما أدّياه إِلى الفقير، أي سقط به الزكاة الواجبة في المال.
(٢) أي الأداء الثاني للعاشر، هو سياسة مالية.
(٣) أي من أموالنا، أو تُجَّارنا.
(٤) سقط من المطبوع ومعنى العبارة: إنا لا نفعل الغدرَ لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عنه. وقد وقع في المخطوط تقديم في العبارة، والأولى ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>