للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكَنْزٌ فيه سِمَةُ الإِسْلام كاللُّقَطَةِ، ومَا فِيهِ سِمَةُ الكُفْرِ خُمِّسَ، وبَاقِيهِ لِلْوَاجِدِ إِنْ لم تُمْلَك الأَرْضُ، وإِلَّا فللمُخْتَطِّ لَهُ.

===

والحال أَنه ليس بِكَنْز لأَنه من أَجزاء الأَرض، فلا شيءَ فيه كالملح والنُّورَة (١)، ولقوله صلى الله عليه وسلم «لا زَكَاةَ في الحَجَر». رواه ابن عَدي من طريقين ضعيفين.

(وكَنْزٌ) وهو مال موضوعٌ في الأَرض (فيه سِمَةُ الإِسْلام) أَي علامتُه ككلمةِ الشهادة ونحوها. وهذه الجملة صفة «كَنْز»، وهو مبتدأ خبره (كاللُّقَطَةِ) وسيأتي حكمها إِنْ شاء الله تعالى. وذلك لأَنه من وَضْعِ المسلمين، ومال المسلم لا يُغْنم، فَيَجِبُ تعريفها على ما عُرِف في موضعه.

(ومَا): أَي كُنِزَ (فِيهِ سِمَةُ الكُفْرِ) كَنَقْشِ صنمٍ، أَوْ اسم مَلِك معروف بالكفر، (خُمِسَ) اتفاقاً على كل حال، ذهباً كان أَوْ رَصاصاً أَوْ زئبقاً، كبيراً كان الواجد أَوْ صغيراً، حرّاً كان أَوْ عبداً، مُسْلماً كان أَوْ ذِمّياً، لأَن كلَّ مَنْ سمَّيْنَا له فيها حَقٌّ سهماً أَوْ رَضْخاً، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «وفي الرِّكازِ الخُمْس» (٢)، والركاز يتناول الكَنْز لما فيه من معنى الرَّكْز وهو الإِثبات، إِمَّا مخلوقاً وهو المَعْدِن، أَوْ مَوْضُوعاً وهو الكنز، على ما يُفْهم من «المُغْرِب»، وكثير من كُتُب اللغة.

(وبَاقِيهِ) وهو أَربعة أَخماس (لِلْوَاجِدِ) أَي مُطْلقاً كما تقدم (إِنْ لم تُمْلَك الأَرْض) لأَنه مِنْ دَفْنِ الكفار وقد وقع أَصله في أَيدي الغانمين، إِلاَّ أَنهم هلكوا قبل تمام الإِحْرَاز منهم، فصار المُسْتَخْرِجُ أَوَّلاً مُحرِزاً له فكان أَحق به، ووجب الخُمْس لأَن ابتداء أَخْذِه كان جهاداً، وإِنْ لم يكن إِحراز هذا المُحْرِز جهاداً.

(وإِلاَّ) وإِنْ كانت مملوكةً (فللمُخْتَطِّ لَهُ) أَي المالك (٣) أَول الفتح، ثُم لورثتِهِ مِنْ بعده إِنْ عُرِفوا لانتقاله إِليهم. وقال أَبو يوسف: لِلْوَاجِدِ، لأَنَّ الاستحقاق بتمام الحيازة وهو (من) (٤) الواجد، ولأَن هذا المال لم يدخل تحت قسمة الغنائم لعدم المقابلة، فبقي مباحاً فيكون لِمَنْ سَبَقت يَدُه إِليه. ولهما أَنَّ يد المختط له. سبقت إِليه على الخصوص، فملكت ما في الباطن، وإِن كانت على الظاهر، وإِنْ لم يُعْرف المختط له، قال شمس الأَئمة السَّرَخْسِي: يُصْرف إِلى أَقصى مالك يُعْرف في الإِسلام


(١) النُّورَة: حجر كلسي يُطْحَنُ ويخلط بالماء ويُطْلَى به الشعر فيسقط. معجم لغة الفقهاء، ص: ٤٩٠.
(٢) تقدم تخريجه عند المؤلف، ص: ٥١٣.
(٣) الذي ملكه الإمام هذه البقعة.
(٤) سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>