للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسَّوَادُ وما فُتِحَ عَنْوَةً وأُقِرَّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ أَوْ صَالَحَهُم: خَرَاجِيَّةٌ. ومَوَاتٌ أُحْيِيَ يُعْتَبَرُ بقُرْبِهِ.

===

العبادة، ولهذا يشترط فيه النيةُ، ويصرف مصارف الصدقات.

وأَمَّا البَصْرة، فلأَنَّ القياس فيها أَنْ تكون خَرَاجيةً كما في أَرض العراق، إِلاَّ أَنَّ الصحابة وضعوا عليها العُشْر، ذكر ذلك أَبو عمر ابن عبد البَر وغيره.

(والسَّوَادُ) أَي سواد العِراق، وسُمِّيَ بذلك لِخُضْرَةِ أَشجاره وكثرة زروعه، وهو مَمْلُوكٌ عندنا لأَهْلهِ. وعند الشافعيِّ: هو وَقْفٌ على المسلمين، وأَهْلُهُ مستأجرون. وَحَدُّهُ طُولاً: ما بين العُذَيب إِلى عَقَبَة حُلْوَان ـ اسم بلدة ـ، وعَرْضاً: من العَلْثِ (١) : ـ وهي أَرض موقوفة على العلوية ـ، وقيل: من الثغلبية (٢) ـ إِلى عَبَّادَان: وهي حصن صغير على شاطاء البحر.

(وما فُتِحَ عَنْوَةً وأُقِرَّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ أَوْ صَالَحَهُم خَرَاجِيَّةٌ) لأَن الحاجة إِلى ابتداء التوظيف على الكافر، والخَرَاج أَلْيَقُ به من العُشْر، ولما روى أَبو عُبَيْد القاسم بن سَلاَّم في كتاب «الأَموال» عن إِبراهيم التَّيْمِي قال: لما افْتَتَحَ المسلمونَ السَّوَادَ قالوا لِعُمَرَ: «اقسمه بيننا، فَأَبَى وقال: ما لِمَنْ جاء بَعْدَكُم مِنَ المسلمين؟ قال: فَأَقَرَّ أَهلَ السَّواد في أَرضهم، وضرب على رؤوسهم الجزية، وعلى أَرضهم الخَراج».

والشَّامُ خَراجيةٌ، وكذا مصر، لما روى ابن سَعْد في «الطبقات» في ترجمة عمرو ابن العاص عن مشيخة من أَهل مصر ـ أَي مشايخ منهم ـ أَنَّ عمرو بن العاص افتتح مصر عَنْوةً، واستباح ما فيها، وعزل منه غنائم المسلمين، ثُم صالحهم بعد ذلك على الجزية في رقابهم، ووضع الخَرَاج على أَراضيهم.

(ومَوَاتٌ أُحْيِيَ يُعْتَبَرُ بقُرْبِهِ) فإِنْ كان إِلى الخَرَاجية أَقْرب فهو خَراجِي، وإِنْ كان إِلى العُشْريةِ أَقرب فهو عُشْرِي، وهذا عند أَبي يوسف، لأَن ما قرب من الشيء له حُكْمه، كفِنَاء (٣) الدار له حُكْمُهَا. وقال محمد: إِنْ أُحْيِي الموات ببئر حُفِرَتْ، أَوْ بعين


(١) حُرِّفت في المطبوعة إلى: "الصلت"، والمخطوطة إلى: "العلت". والصواب ما أثبتناه من "الدر المختار" ٣/ ٢٥٤ على هامش "ردّ المحتار". ومعجم البلدان ٤/ ١٤٥.
(٢) وفي الدر المختار: وما قيل من الثَعْلبة غلط. وقال ابن عابدين: الذي رأيته في غيره الثعلبية بياء النسبة. وهو الموجود في الهداية، وعلق عليه ابن الهمام بقوله: قيل: هو غلط لأن الثعلبية بعد العذيب بكثير … فتح القدير ٥/ ٢٧٨.
(٣) فِنَاء الدَّار: ما امتدَّ من جوانبها. مختار الصحاح، ص: ٢١٥. مادة (فَنِي).

<<  <  ج: ص:  >  >>