للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ورُوِي عن عمر، وهو قول علي، وعائشة، ومذهب الثوري، وأَبي يوسف: إِنْ رُئِيَ (١) قبل الزوال فللماضية في الصوم والفطر، لأَن الشيء يأْخذ حكم ما قَرُبَ منه، ولأَن الظاهر أَنه لا يُرَى قبل الزوال إِلاَّ (وهو) (٢) لليلتين. وقال الحسن بن زياد: إِنْ غاب بعد الشَّفَقِ فللماضية، وإِنْ غاب قبله فللراهنة.

وإِذا ثبت الهلال في مصر لزِم الصوم سائر الناس، فَيُلْزَمُ أَهلُ المشرق برؤية أَهل المغرب في ظاهر المذهب، واختاره أَكثر المشايخ، لعموم الخطاب في قوله صلى الله عليه وسلم «صوموا» مُعَلَّقاً بِمُطْلقِ الرؤية في قوله: «لرؤيته»، وبرؤية قوم يصدق اسم الرؤية، وما يتعلق به من عموم الحكم فيجب العموم احتياطاً، هذا بناء على عدم الاعتبار باختلاف المطالع.

والأَشبه من حيث الدليل هو الاعتبار باختلافها كما في دخول وقت الصلاة، لأَن السبب شهود الشهر، فإِذا انعقد بالرؤية في حق قوم، لا يلزم أَنْ ينعقد في حق غيرهم مع اختلاف المطالع، كما لو زالت الشمس، أَوْ غربت على قوم دون آخرين، يجب الظهر أَوْ المغرب على الأَولين دون أُولئك لعدم انعقاد السبب في حقّهم.

واختار صاحب «التجريد» وغيره من المشايخ اعتبار اختلاف المطالع لما روى الجماعة إِلاَّ البخاري من حديث كُرَيْب، أَنَّ أُمَّ الفَضْل بَعَثَتْهُ إِلى معاويةَ بالشام، قال: فَقَدِمْتُ الشامَ، وقَضَيْتُ حَاجَتَهَا، واستهل عليّ رمضانُ وأَنَا بالشَّامِ، فرأَيتُ الهِلَالَ ليلةَ الجُمُعَة، ثم قَدِمْتُ المدينةَ في آخرِ الشَّهْرِ، فَسَأَلني ابنُ عَبَّاس، قال: متى رأَيتم الهلال؟ قلت: ليلة الجمعة، فقال: أَنت رَأَيْتَه؟ قلت: نعم، ورَأَوهُ النَّاس فَصَامُوا، وصَامَ معاويةُ، فقالَ: لكنَّا رأَينا ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أَوْ نراه ـ أَي الهلال ـ فقلت: أَولا تكتفي برؤية معاويةَ وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أَمَرَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

شك أَحدُ رواتِهِ في نكتفي، بالنون أَوْ بالتاء، ولا شك أَنَّ هذا أَولى لأَنه نَصّ، وذلك يحتمل أَنْ يكون المراد: أَمَرَ أَهل كل مطلع بالصوم إِذا رَأَوْه. هكذا قال بعض المحققين، وأُجيب بأَنه جاز أَنْ يكون مذهب ابن عباس أَنَّه من باب الشهادة، فلذا لم يُقْبَل قولُ كُرَيْب وحده، ويكون قوله: هكذا أَمرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعني باعتبار قوله: «فإِنْ غُمَّ عليكم فأَكملوا».


(١) في المطبوعة: رأى، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>