للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وآدَابٌ

===

كالرَّمَلِ (١) في الطواف، والهرولة في السَّعْيِ، والمبيت بِمِنىً لياليها، لما رُوي: «أَنه صلى الله عليه وسلم بات بها». رواه أَبو داود (وآدَابٌ) مستحبَّة كما سيأتي. والأَصل في ذلك كله فِعله صلى الله عليه وسلم مع قوله: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم» (٢) ، ولا يخفى أَنَّ قوله: «وغَيْرُهَا سُنن وآداب»، إِنْ أُرِيدَ أَنَّ كل ما هو غير المفروض والواجبات مطلقاً، فَسُنَنٌ وآداب، فليس بِمُفيد، وإِنْ أُرِيدَ أَنَّ كُلَّ ما هو غير هذه الفرائض الثلاثة وهذه الواجبات الخمسة سُنَنٌ وآداب، فمَمْنُوعٌ بِأَنَّ كثيراً من الواجبات غَيْرُ مذكور هنا: منها الإِحرام من الميقات، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تُجَاوِزُوا الوقت (٣) إِلاَّ بإِحرام»، رواه ابن أَبي شيبةَ، والطبراني من حديث ابن عباس. وروى الشافعي في «مسنده» عن أَبي الشعثاء: «أَنَّه رأَى ابن عباس يَرُدُّ مَنْ جَاوَزَ الميقاتَ غَيْرَ مُحْرِم». وروى إِسحاق بن رَاهُويه في «مسنده»: أَخبرنا فُضَيْلُ بنُ عِياض، عن لَيْث بن أَبي سُلَيم، عن عطاء، عن ابن عباس: «إِذا جاوز الوقتَ فلم يُحْرِم حتى دخل مكة، رَجَعَ إِلى الوقت فأَحرم، فإِنْ خَشِيَ إِنْ رَجَعَ إِلى الوقت فإِنه يُحْرِمُ ـ أَي في الطريق ـ ويهريقُ لذلك دماً».

ومنها مَدُّ الوُقُوفِ بِعَرفة من الزوال إِلى الغروب، لأَن النبي صلى الله عليه وسلم إِنَّما دَفَعَ بعد الغروب، وقد قال: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم»، وقال في خطبته: «أَمَّا بَعْدُ، فإِنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ كانوا يدفعون من هذا الموضع، إِذا كانتِ الشمس على رُؤوسِ الجبال مِثْلَ عمائم الرِّجالِ في وجوهها، وإِنَّا نَدْفَعُ بَعْدَ أَنْ تَغِيب». رواهما الحاكم.

وكذا الرَّمْيُ، والحَلْقُ، وطَوَافُ الزِّيارة في أَيام النحر، وتقديم الرمي على الحَلْق ونحر القَارِن، والمتمتع (٤) بين الرمي والحلق من الواجبات عند أَبي حنيفة.

وقالا: إِنها سنة لما رواه الطحاوي عن علي رَضِيَ الله عنه قال: «أَتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فقال: يا رسولَ الله، إِنِّي أَفَضْتُ قَبْلَ أَنْ أَحْلِق قال: احْلِقْ ولا حَرَج، قال: وجاءه آخر فقال: يا رسولَ اللهاِ إِني ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرمي، قال: ارْمِ ولا


(١) الرَّمَل: المشي السريع مع هَزّ الكتفين. معجم لغة الفقهاء ص: ٢٢٧.
(٢) صحيح مسلم ٢/ ٩٤٣، كتاب الحج (١٥)، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر واقفًا … (٥١)، رقم (٣١٠ - ١٢٩٧).
(٣) الوقت: أي الميقات.
(٤) أي والمتمتع يَنْحَرُ بين الرمي والحلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>