للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهِيَ: طَوَافٌ، وسَعْيٌ. وجَازَتْ في كُلِّ السَّنَةِ، وكُرِهَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ، وأَرْبَعَةً بَعْدَها.

===

واعْتِمَارُه عن أَبِيه ليس بواجب، مع أَنَّ قول أَبي رَزِين: «لا يستطيعُ الحَجَّ ولا العُمْرَةَ» يَقْتَضِي عدم وجوبهما على أَبيه، فيكون الأَمْرُ في حديثه للاستحباب.

وأَما ما روى الحاكم، والدَّارَقُطْنِيّ عن زَيْد بن ثابت قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «الحَجُّ والعُمْرَةُ فَريضَتَانِ لا يَضُرُّكَ بأَيِّهِما بَدَأْتَ». فقال الحاكم: الصحيح عن زيد بن ثابت من قوله (١) . انتهى. وفيه إِسماعيل بنُ مسلم المَكِّي: ضَعَّفوه. قال البخاري: مُنْكَرُ الحديث. وقال أَحمد: حرقنا حديثه. وأَما ما رواه البَيْهَقِيّ عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين موقوفاً، وهو الصحيح. وعن ابن عمر: «ليس أَحَدٌ من خَلْقِ اللَّهِ تعالى إِلاَّ وعليه حَجَّةٌ وعُمْرَةٌ واجبتان، على من استطاع إِلى ذلك سبيلاً». وعن ابن عباس: «الحَجُّ والعُمْرَةُ فريضتانِ على النَّاسِ كُلِّهم إِلاَّ أَهْلَ مَكَّةَ فإِنَّ عُمْرَتَهُم طَوَافُهُم، فَلْيَخْرُجُوا إِلى التَّنْعِيم ثُمَّ لِيَدْخُلوها … » الحديثَ. رواه الحاكم، وقال: على شرط مسلم. فكلُّ مذهبِ صحابيَ مَعَارَضٌ بمِثْلِهِ أَوْ بأَعْلَى منه.

ثم اعلم أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر بعد الهجرة أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلُّهُنَّ في ذِي القِعْدَة، إِلاَّ التي مع حَجَّتِهِ (٢) . وعن ابن حَزْم: «حَجَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم واعتمر قَبْلَ النبوّة وبعدها قبل الهجرة حِجَجاً وعُمْراً، لا نعرف أَعدادها».

(وهِيَ) أَي العمرة (طَوَافٌ،) وهو رُكْنٌ بإِجماع الأَمة (وسَعْيٌ) واجب عندنا. وكذا الحَلْقُ أَوْ التقصير في الصحيح. وقيل: إِنه شرط للخروج منها. ويُشْتَرَطُ فيها الإِحرام كما في الحج.

(وجَازَتْ) مَرَّةً أَوْ أَكْثَر (في كُلِّ السَّنَةِ،) لأَنها غير مُؤقتة (وكُرِهَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ، وأَرْبَعَةً بَعْدَها): وهي يومُ النحر، وثلاثة أَيام التَّشْريق، لما رُوِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّها كانت تَكْرَهُ العُمْرَةَ في الأَيام الخمسة.

ولأَن الله تعالى سَمَّى هذه الأَيامَ أَيَّامَ الحج، فَيَقْتَضِي أَنْ تكون متعينةً للحج، فلا يجوز الاشتغال فيها بغيره. ولكن مع هذه الكراهةِ، لو نَوَاهَا في هذه الأَيام صَحَّ، ويبقى مُحْرِماً بها، فإِنْ أَهَلَّ بالعُمْرَة في هذه الأَيام رَفَضَها، وإِنْ مضى عليها صَحَّ ولَزِمه دمٌ في الوجهين: من الرَّفْضِ، وعَدَمِهِ (٣) . أَمَّا في الرفض فظاهر،


(١) يعني أنه موقوف على الصحابي زيد بن ثابت وليس مرفوعًا.
(٢) في المطبوعة: حجه، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٣) أي لَزِمَهُ دمٌ في الحالتين: حالة رفضه للعمرة بأن يجني عليها بأي فعل من الأفعال الناقضة للإحرام، أو حالة متابعته العمرة وعدم رفضها.

<<  <  ج: ص:  >  >>