للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقَبَّلَ العَتَبَةَ، وَوَضَعَ وَجْهَهُ عَلَى المُلْتَزَمِ، ويَتَشَبَّثُ بالأَستَارِ، وَدَعَا مُجْتَهِدًا ويَبْكِي، ويَرْجِعُ القَهْقَرَى حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ.

===

اللهِ إِسماعيلَ». رواه الدَّارَقُطْنِيّ وسكت عنه. وكذا رواه الحاكم مرفوعاً. وكان ابن عباس إِذا شَرِبَ ماءَ زَمْزَمَ قال: اللهم إِنِّي أَسأَلُكَ عِلْماً نَافِعَاً، ورِزْقاً وَاسِعاً، وشِفَاءً مِنْ كُلِّ داءٍ. رواه الحاكم في «مُسْتَدْرَكِهِ» موقوفاً.

(وقَبَّلَ العَتَبَةَ) المرتفعة عن الأَرض تعظيماً للكعبة (وَوَضَعَ وَجْهَهُ) الشامل بجبهته وخَدَّيْهِ وصَدْرِه (عَلَى المُلْتَزَمِ) وهو ما بين الحجر الأَسود والباب. فقد رَوى البيهقي عن المُثنى بن الصَّبَّاح، عن عمرو بن شُعَيب، عن أَبيه، عن جدّه: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يلزق وَجْهَهُ، وصَدْرَهُ بالمُلْتَزَم. والمُثَنى بن الصَّبَّاح (ضعيف، لكن هذا مِنْ باب الترغيب. ورواه أَبو داود أَيضاً من جهة المثنى بن الصَّبَّاح) (١) عن عَمْرو بن شُعَيْب، عن أَبيه، عن جَدِّه بِأَطولَ مِنْ هذا.

(ويَتَشَبَّثُ) أَي يتعلّقُ (بالأَستَارِ) والتَصَقَ بالجدارِ (وَدَعَا مُجْتَهِداً) في الاعتذار (ويَبْكِي) ويُكْثِرُ الاستغفار، ويتعوّذُ بالمَلِكِ الجَبَّار العزيز الغفّار، لما في «سُنَن أَبي داود» عن عَمْرو بن شُعَيب، عن أَبيه قال: طُفْتُ مَعَ عبدِ الله فَلَمَّا جِئْنَا دُبُرَ الكعبةِ قلتُ: أَلا نَتَعَوَّذُ؟ قال: تَعَوَّذ باللهِ مِنَ النَّارِ، ثُمَّ مَضَى حتى استلمَ الحجرَ، وقَامَ بين الرُّكِنِ والبابِ، فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وذِرَاعَيْهِ وكَفَّيْهِ هكذا، وبَسَطَهُمَا بَسْطاً، ثُم قال: هكذا رأَيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُه. ورواه ابن ماجه وقال فيه: عن أَبيهِ، عن جَدّه. قال المُنْذِري: فيكونُ شُعَيبٌ وأَبو محمدٌ قَدْ طَافَا مع عبد الله، وهو مُضَعَّفٌ بالمُثَنى بن الصَّبَّاح.

وكذلك رواه عبد الرزاق: أَخبرنا ابن جُرَيج، عن عَمْرو بن شُعَيب قال: طاف جَدِّي محمد بن عبد الله بن عمرو، مع أَبيه عبد الله بن عمرو، فَلَمَّا كان سَابِعَهَا قال محمد لعبد الله: أَلا نتعوّذُ إِلى آخره. وهذا أَصحُّ إِسناداً من الأَول. وأَمَّا تعيينُ مَحَلِّ المُلْتَزم ففي «شُعَبِ الإِيمان» للبَيْهَقِيّ عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم قال: «ما بَيْنَ الرُّكْنِ والبابِ مُلْتَزَمٌ». وأَخرجَ ابنُ عَدِيَ في «الكامل» عن عِكْرِمَةَ، عن ابن عباس مرفوعاً ووقفه عبدُ الرزاق في «مُصنفه» عن ابن عباس. والمُلْتَزَمُ مِنَ الأَماكن التي يُستجابُ فيها الدُّعَاءُ، نُقِلَ ذلك عن ابنِ عباس قال: فَوَاللهِ مَا دَعَوْتُ قَطُّ إِلاَّ أَجَابَنِي.

(ويَرْجِعُ القَهْقَرَى) أَي الرجوع إِلى الوراء. وقيل: ينصرفُ ويمشي ويلتفت إِلى البيت كالمُتَحَزِّنِ على فِرَاقه (حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ) أَي مِنْ أَسْفَلِهِ، قيل: من بابِ


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>