للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَامَ ثلاثةَ أَيَّامٍ وَآخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ، وسَبْعَةً بَعْدَ حَجِّهِ أَيْنَ شَاءَ، فإِنْ فَاتَتِ الثَّلَاثَةُ تَعَيَّنَ الدَّمُ.

===

به الدَّم ولا هو في ملكه (صَامَ ثلاثةَ أَيَّامٍ) يُستحب تواليها (وَ) أَنْ يكون (آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ) بأَنْ يصومَ السابع والثامن والتاسع، وهذا بيانُ الأَفْضل، لأَنه غاية ما يمكن في التأْخير لاحتمال القدرةِ على الأَصْل وهو الهَدْي، ويجوز أَنْ يصومها قبل السابع إِذا كان قد أَحْرم بالعُمرةِ، ويكون في أَشهر الحَجِّ وينوي مِنْ الليل. وعند الشافعيِّ لا يجوزُ أَنْ يصومها حتى يُحْرِم بالحَجِّ، وأَمَّا قبل إِحرام العُمرةِ، فلا يجوز بالإِجماع.

(وسَبْعَةً بَعْدَ حَجِّهِ) أَي فراغ أَعماله (أَيْنَ شَاءَ) ولو بمكةَ من غير نيةِ الإِقامَة لقوله تعالى: {وسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُم} (١) ، أَي من مِنىً إِلى مكةَ. والصحيح مِنْ مذهب الشافعيِّ أَنَّ المراد الرجوع إِلى الأَهل. وعن مالك قولان. وقال ابنُ الهُمَام: أَي إِذا فَرَغْتُم مِنْ أَعمال الحَجِّ، فإِن الفراغ سببُ الرجوع، ففيه ذِكْرُ المُسَبَّبِ وإِرادةُ السَّبَبِ. والدليل على إِرادة المجاز أَنَّ الإِجماع على أَنه لو استمر (٢) على السياحة، وجب عليه صومُها بهذا النَّصِّ، ولا يتحقق في حَقِّه سوى الرجوع عن الأَعمال، فَعُلِم أَنَّ المراد الرجوع عنها، سواءٌ قَصَدَ وطنه أَوْ لا. ثُم لو قَدِرَ القارنُ (على) (٣) الهَدْي بعد صوم الثلاثة قَبْل التحلّلِ وجب عليه الذَّبْحُ، ولو قَدِرَ عليه بعد التَّحَلُّلِ (٤) لا يجب عليه الذَّبح.

(فإِنْ فَاتَتِ الثَّلاثَةُ) بأَنْ جاء يومُ النَّحْر ولم يَصُمْها بتمامها (تَعَيَّنَ الدَّمُ) ولم يجزئه الصومُ، لأَنه جُعِل خَلَفاً عن الدَّم على خلاف القياس، فيراعى ما ورد فيه، وهو الوقوعُ قَبْلَ يَوْم النَّحْر.

وأَجازَ الشافعيُّ صومَها بعد أَيام التشريق، لأَنه صومٌ مؤقتٌ فَيُقْضَى. وأَجازه مالك فيها غَيْرَ يوم النَّحر لقوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ في الحَجِّ} (٥) وهذا وقتُه، لأَن طواف الزيارة يَتَأَدَّى فيها، ولقول عائشةَ وابن عمر: لم يُرَخَّص في أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يصومَ إِلاَّ مَنْ لم يَجِدِ الهَدْيَ. رواه البُخاري. وفيه عن ابن عمرَ أَنَّه قال: الصيامُ لِمَنْ تمتَّعَ بالعُمرةِ إِلى الحَجِّ إِلى يومِ عرفةَ، فإِنْ لم يَجِد هَدْياً ولم يَصُم، صَامَ أَيَّامَ مِنىً.


(١) سورة البقرة، الآية: (١٩٦).
(٢) في المطبوع: اعتمر، وما أثبتناه من المخطوط.
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) في المطبوع: التحليل، وما أثبتناه من المخطوط.
(٥) سورة البقرة، الآية: (١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>