للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ طَافَ للفَرْضِ مُحْدِثًا،

===

كل ظُفْرٍ خُمْسُ الدَّم. ولا شيءَ بأَخْذِ الظُّفْر المُنْكَسِر وقطعه اتفاقاً، لأَنه لا ينمو بعد الانكسار، فأَشْبَه اليابس مِنْ شجر الحَرَم.

(أَوْ طَافَ للفَرْضِ) جميعه أَوْ أَكثره (مُحْدِثاً) بناءً على أَنَّ الطهارة في الطواف عن الحدث الأَكبر والأَصغر واجبةٌ عندنا. وقال مالك والشافعي: لا يعتد بذلك الطواف بناءً على أَنَّ الطهارة فيه عنهما (١) شرط عنده (٢) كما في الصلاة لما رَوى الترمذي من حديث ابن عباس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «الطَّوافُ بالبيتِ صلاةٌ، إِلاَّ أَنكم تتكلَّمونَ فيه، فَمَنْ تَكَلَّم لا يتكلَّم إِلاَّ بخَيْر».

وقال ابنُ الهُمَام: ووجه الاستدلال أَنه شَبِيهٌ في الحُكْم، بدليلِ الاستثناء مِنْ الحُكْم فكأَنه قال: هو مِثْل الصلاة في حُكْمِها إِلاَّ في جواز الكلام، فيصير ما سوى الكلام داخلاً في الصَّدَر، ومنه اشتراط الطهارة. وأَما المشي فقد عُلِم إِخراجه قبل التَّشْبِيه، فإِن الطواف نَفْسُ المشي، فحيث قال صلاة فقد قال المشي الخاص كالصلاة، فَوَجْه الشَّبَه ما سوى المشي. وخُصّ الانحراف أَيضاً بالإِجماع، وباتفاقِ رواةِ مَنَاسِكِه صلى الله عليه وسلم أَنه جَعَل البيتَ عن يَسارهِ حين طاف. والجواب على تسليمِ أَنْ التشبيه في الحكم أَنه خَبَرٌ واحدٌ، لو لم (يكن) (٣) يلزم نَسْخُه لإِطلاق الكتاب لثبتَ به الوجوبُ لا الافتراض، لاستلزامه الإِكْفَار بِجَحْد مقتضاه، وليس ذلك لازمَ مُقْتضاه، بل لازِمُه التَّفْسيق به، على أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ التشبيه في الحُكْمِ لجَوَازِ أَنْ يكونَ في الثواب.

وقوله: «إِلاَّ أَنكم .... » إِلى آخره، منقطع، كلام مستأْنف بيانٌ لإِباحة الكلام فيه، ولو كان التشبيه في الحكم لكان مقتضاه وجوب طهارة الثوب والبدن فيه، لكن صرَّحوا بعدم وجوبه. ففي «البدائع»: أَنها ليست بشرطٍ بالإِجماع، فلا يُفترضُ تحصيلها ولا يجب، لكنَّهُ سُنَّةٌ، حتى لو طَافَ وعلى ثَوْبَه نَجَاسَةٌ أَكثر مِنْ قَدْر الدِّرهم، لا يلزَمُه شيءٌ لكنه يُكْره. انتهى. وهو غايةُ التحقيق والله ولي التوفيق.

ولنا قوله تعالى: {ولَيَطَّوَّفُوا بالبَيْتِ العَتِيقِ} (٤) مِنْ غيرِ قَيْدٍ بالطهارةِ. وفي «الإِمام»: روى أَحمد بن حنبل، عن محمد بن جعفر، عن شُعبةَ قال: سأَلت حَمَّاداً


(١) أي عن الحدثين.
(٢) أي الطواف.
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) سورة الحج، الآية: (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>