ومنهم من رأى (١) ، ولأنّ سببَ فسخهما النكاحَ وهو تركُ الوليّ النظرَ، بحكم عدم الشفقة لا يُوقَفُ على حقيقته، فكان ضعيفاً في نفسه، فيتوقف على القضاء، كالرجوع في الهبة، بخلاف خيار المُخَيَّرة، فإن سببه تخييرُ الزوج.
(لا مَنْ عَتَقَتْ) أي لا يُشترط في فسخ نكاح الأمة المزوَّجة إذا عَتَقَتْ وبلغها الخبرُ واختارتْ فسخَ النكاح، قضاءُ القاضي، لأن سبب فسخها زيادةُ المِلك، وهو مقطوعٌ به، لأن الزوج كان يملك مراجعتها في قُرْءَيْنِ، ويَمْلِك عليها تطليقتين، وتنقضي عدتها في حيضتين، وقد زاد ذلك بالعِتق، ويتوارثان بموتِ أحدهما قبل فسخ القاضي، لأن أصل العقد صحيح، والملك الثابت به قد انتهى بالموت.
(والوَليُّ العَصَبَةُ) أي بنفسه، وهو: كلُّ ذَكَر يَتَّصِل بلا تَوَسُّطِ أُنْثَى. (عَلَى تَرْتِيبِهِم) أي في الإرث، والحَجْبِ. فالأقرب يَحْجُبُ الأبعدَ. وتُقَدَّمُ عصبةُ النَّسَب، وأَولاهم الابنُ ثم ابن ابنه، وإن سَفَل، ثم الأب، ثم الجَدّ، وهو أبُ الأبِ، ثم الأخ لأبوين، ثم لأبٍ، ثم بَنُو الإخوة كذلك، ثم الأعمام كذلك، ثم بَنُوهم كذلك، ثم أعمام الأب كذلك.
وفي شرح الطحاوي: أولى الأولياء الأبُ والجدُّ وإن علا، ثم الأخ لأب وأمَ، ثم الأخ لأبٍ، ثم ابن الأخِ لأبٍ وأمٍ، ثم ابن الأخ لأبٍ، وكذلك أولادهم على هذا الترتيب، ثم العمُّ لأبٍ وأمّ، ثم العمُّ لأب، وكذلك أولادهما، ثم عَمّ الأبِ لأبٍ وأمٍ، ثم عمّ الأَبِ لأبٍ، وكذلك أولادهما، ثم عمّ الجَدِّ لأبٍ وأُم، ثم عَمّ الجَدِّ لأبٍ، وكذلك أولادهما.
والجَدُّ مُقَدَّمٌ على الأخ في التزويج عند أبي حنيفة، وسَوَّى صاحباه بينهما فيه، وفي «المبسوط»: الأصح أن الجَدّ مُقَدَّمٌ في قولهم جميعاً، لأن شفقته فوق شفقة الأخ، ولهذا لا يثبت لهما الخيارُ في عقد الجَدّ، كالأب، بخلاف الأخ.
ويُزَوِّجُ المجنونةَ ابنُها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، لأنه عَصَبَتُها، ألا ترى أن الأب معه يَستَحِقُّ السُّدُسَ بالفَرْضِيَّة وقال محمد: يزوجها أبوها، لأن ولاية الأب تَعُمُّ المالَ والنفس، ولا يثبت للابن إلا ولاية في المال، وإن لم يكن واحدٌ من هؤلاء،