للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَحْرُمَانِ مَعْ قَوْمِهِمَا عَلَيْهِ كَالنَّسَبِ وَفُرُوعُهُ والزَّوْجَانِ عَلَيْهِمَا، وَتَحِلُّ أُخْتُ أخِيهِ

===

رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيتي فقال: يا رسول الله إني كانت لي امرأة فتزوّجت عليها أخرى، فزعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت الحُدْثَى (١) رضعةً أو رضعتين. فقال رسول الله: «لا تُحَرِّمُ الإملاجة ولا الإملاجتان».

ولنا إطلاق قوله تعالى: {وأمَّهَاتُكُمْ اللاَّتي أرْضَعْنَكُمْ وأخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (٢) من غير تقييد بعدد، فاشتراطه فيه زيادة على النَّصّ، وهي لا تثبت بخبر الواحد. وما في «الصحيحين» من حديث ابن عباس وعائشة: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يَحْرُم من الرَّضاع ما يَحْرُم من النَّسَبِ». فلفظ البخاري عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أُرِيدَ (٣) على ابنة حمزة فقال: «إنها ابنة حمزة»، فقال: «إنها ابنة لا تحلُّ لي، إنّها ابنة أخي من الرَّضاعة، وإنه يَحْرُمُ من الرَّضاع ما يَحْرُم من النَّسب». وروى الجماعة إلاّ ابن ماجه، عن عائشة رضي الله تعالى عنها ـ واللفظ لمسلم ـ: «أنَّ عمَّها من الرَّضاعة ـ يُسَمى أَفْلَحَ ـ استأذن عليها فحجبته، فأَخْبَرَتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: لا تحتجبي منه، فإنَّه يَحْرُمُ من الرِّضاعة ما يَحْرُمُ من النّسب». ولفظ الباقين: «ما يَحْرُمُ من الولادة».

وأمَّا ما رواه الشافعيّ، فمدفوعٌ بالكتاب كما تقدَّم، أو منسوخٌ بدليل ما رُوي عن ابن عبّاس أنه سُئِلَ عن الرّضاع، وقيل: إنّ النّاس يقولون: لا تُحَرِّمُ الرَّضعة ولا الرَّضعتان، فقال: كان ذلك، فأمّا اليوم فالرضعة الواحدة تحرِّم. وقال ابن مسعود: آل أمرُ الرّضاع إلى أن قليله وكثيره يُحَرِّمُ.

(فَيَحْرُمَانِ) أي المرأة التي أرضعت، والزَّوج الذي لبن الرِّضاع منه (مَعْ قَوْمِهِمَا) وهو أصول المرأة التي أرضعت، وفروعها من ذلك الزَّوج أو غيره، وإِخوتها، وأخواتها، وإِخوة أصولها وأخواتهم، وأصول الزَّوج، وفروعه من تلك المرأة أو غيرها، وإِخوته، وأخواته، وإِخوة أصوله وأخواتهم (عَلَيْهِ) أي على الرّضيع (كَالنَّسَبِ) أي كما يَحْرُم الأم والأب مع قومهما على الولد من النَّسب.

(وَ) يَحْرُم (فُرُوعُهُ) أي فروع الرّضيع (والزَّوْجَانِ) أي زوجته إن كان ذكراً، وزوجها إن كانت أنثى (عَلَيْهِمَا) أي على أبيه وأمه من الرّضاع.

(وَتَحِلُّ أُخْتُ أخِيهِ) من الرّضاع بأن يكون لرجلٍ أخٌ من الرّضاع له أختٌ من


(١) الحُدْثى: تأنيث الأحْدث، يُريد المرأة التي تزوجها بعد الأولى. النهاية ١/ ٣٥١.
(٢) سورة النساء، الآية: (٢٣).
(٣) أُريد على ابنة حمزة: أي أراد أن يتزوَّجها.

<<  <  ج: ص:  >  >>