(ولَا مَهْرَ لِلْكَبِيرَةِ إنْ لَمْ تُوطَأْ) لأنَّ الفُرْقَةَ من قِبَلها قبل الدّخول، إلاّ إذا كانت الكبيرة مجنونةً أو مكرهةً أو نائمةً فارتضعتها الصغيرة، كان لها نصف المهر (ولِلْرَّضِيعَةِ نِصْفُهُ) لأنَّ الفُرْقَة قبل الدُّخول لا من قِبَلِها. (وَرَجَعَ الزَّوْجُ بِهِ) أي بنصف المهر الذي للصغيرة (عَلَى المُرْضِعَةِ) أي الكبيرة (إنْ قَصَدَتْ الفَسَادَ) بأن أرضعتها بلا حاجةٍ عالمةً بأنها منكوحةٌ لزوجها، وأنَّ إرضاعها مفسدٌ لنكاحها. ولو أخطأت أو أرادت الخير بأنْ خافت على الرضيع الهلاك من الجوع لم يرجع به عليها. والقول في ذلك قولها إن لم يظهر منها تعمُّد الفساد، لأنه لا يُعْرَفُ إلاّ من جهتها.
ولو أرضعت امرأة الأب زوجة الابن حَرُمَتْ عليه، لأنها تصير أخته لأبيه. ولو أرضعت امرأةٌ صغيرتين تحت رجلٍ حَرُمَتَا عليه، ويرجع على المرأة إن تعمّدت الفساد.
ويثبت الرّضاع عندنا بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، وعند الشافعي يثبت بشهادة أربع نِسْوة، وشهادة المُرْضِعَة إن لم تطلب أجرة. وعند مالك: يثبت برجلٍ وامرأةٍ، وبامرأتين إن كان الرّضاع فاشياً من قولهما قبل العقد، وإلاّ لم يثبت على المشهور. وفي الواحدة فاشياً من قولها: له قولان. وفي انقراد أمّ أحد الزَّوجين، أو أبيه له قولان.
ولو أقرَّ رجلٌ لامرأته، أو لأجنبيّة برضاع أمّ، بأن قال: هذه أختي، أو ابنتي، أو أمّي رضاعاً، أو بنسب: بأن قال: هذه بنتي، أو أختي، أو أمّي نسباً، ثم رجع عن قوله ولو بعد عشر سنين أو أكثر فقال: أوهمت، أو أخطأت، أو نسيت وصدَّقته المرأة صحَّ رجوعه عندنا، وله أن يتزوَّجها إلاّ إذا ثبت عليه، بأن قال: هو حقٌّ كما قلت، ثم تزوّجها فإنه يفرّق بينهما، وهذا استحسان. وفي القياس الجواب: في الفَصْلَيْنِ سواء، وبه قال مالك والشافعيّ، إذ الرجوع عن الإقرار باطلٌ، والله تعالى أعلم بالصواب.