باطلٌ. قال صاحب «التّنْقِيح»: وأبو خالدٍ هو عمرو بن خالد وهو وَضَّاع. وقال أحمد ويحيى: كذَّابٌ. وما في «سننه» عن عليّ بن قرين بسنده عن أبي ثَعْلَبَة الخُشَنِيّ قال: قال عَمٌّ لي: اعمل لي عملاً حتّى أزوّجك ابنتي، فقلت: إن تزوّجتها فهي طالقٌ ثلاثاً، ثم بدا لي أنْ أتزوّجها، فأتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فسألته فقال لي: تزوّجها، فإنه لا طلاق إلاّ بعد النِّكاح. قال فتزوّجتها فولدت لي سعداً وسعيداً (١) . قال صاحب «التنقيح»: وهذا أيضاً باطلٌ، وعليّ بن قرين كذَّبه يحيى بن مَعِين وغيره. وقال ابن عَدِيّ: يسرِق الحديث.
هذا وما صحّ من الأحاديث محمولٌ على نفي التنجيز لأنه هو الطّلاق، وأمّا المعلّق فليس بطلاقٍ، بل له عرضية أن يصير طلاقاً عند وجود الشّرط. وهذا محملٌ مأثورٌ عن السلف كما قدمناه عن الزُّهْرِيّ. وقد جمع أبو بكر بن العربي الأحاديث وقال: ليس لها أصلٌ في الصِّحَّة، ولهذا ما عمل بها مالك، وربيعة، والأوْزَاعِيّ. فإن قيل: لا معنى لحَمْله على التنجيز لأنه ظاهر يعرفه كل أحدٍ، فوجب حَمْله على التعليق. قلنا: صار ظاهراً بعد اشتهار حكم الشّرع لا قبله، فإنّهم كانوا في الجاهلية يطلّقون قبل التزوّج تنجيزاً ويعدّونه طلاقاً إذا وُجِدَ النِّكاح، فنفاه النّبيّ صلى الله عليه وسلم بهذه الأحاديث. والله سبحانه أعلم.
(وألْفَاظُهُ) أي ألفاظ التعليق المتداولة عند الفقهاء (إنْ، وإذَا، وإذَا مَا، وَمَتى، ومَتَى مَا، وكُلُّ، وكُلَّمَا) وهنا ألفاظٌ أُخَر للشرط لم يبحثوا عنها كثيرَ بحثٍ وهي: مَنْ، ومَا، وكَيْفَما، وأيْنَ، وغير ذلك. وعدّوا كلَّ واحدٍ من ألفاظ التعليق باعتبار أنّ الحكم يتعلّق بالفعل الذي يلي مدخولها نحو: كلُّ مَنْ دخلَتْ منكنَّ الدَّار فهي طالقٌ، فإنه لا تطلُق غير التي تدخل. ثم متى تقدّم الجزاء على الشرط امتنع أنْ يرتبط بحرف الفاء، ومتى تأخَّر عنه وجب أنْ يرتبط به إذا كان واحداً من سبعٍ وهي: طَلَبِيّةٌ، واسميّةٌ، وبجامدٍ، وبما، ولن، وبقد، وبالتنفيس. فلو قال: إن دخلت الدَّار أنتِ طالقٌ، يَتَنَجَّزُ عند محمدٍ وإن نوى التعليق، وهو قول أكثر أصحاب الشافعيّ لعدم ما به التعليق وهو الفاء. ولا يَتَنَجَّزُ عند أبي يوسف، وهو قول أحمد وبعض أصحاب الشافعيّ، لأن ذِكْرَ هذا الكلام لإرادة التعليق، والعبرة بالمعاني دون الألفاظ والمباني.
ولو قال: أنتِ طالقٌ وإن دخلت الدّار يَتَنَجَّزُ اتفاقاً، لأنّ معناه في كل حال،
(١) في المخطوط: أسعد وسعدًا، والمثبت من المطبوع، وهو الصواب لموافقته لما في سنن الدّارَقُطْنيّ ٤/ ٣٥، كتاب الورق والخلع والإيلاء وغيره، رقم (٩٧).