للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَحْرَمِهِ، وَهُوَ يُحَرِّمُ وَطْأَهَا وَدَواعِيهِ، حَتّى يُكَفِّرَ

===

مَحْرَمِهِ) وهي المحرّمة عليه مؤبداً بِنَسَبٍ، أو مصاهرةٍ، أو رضاعٍ. قيّدنا بالمسلم لأنه لا ظهار للذّميّ عندنا لظاهر قوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ} (١) ، ولأن الذِّميّ ليس أهلاً للكفارة. وقال الشافعيّ وأحمد: يصحّ ظهار الذّميّ، وأمّا ظهار الصّبيّ فلا يصحّ إجماعاً. وقيّد بما يضاف إليه الطّلاق لأنه لو قال لامرأته: يدك أو رجلك عليّ كظهر أمّي لا يكون مظاهراً. وقيّد بالزَّوجة لأنه لو قال لأمَتِه لا يكون مظاهراً، لقوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ}.

وقال مالك والثَّوْرِيّ: يصحّ ظهار الرجل من أَمته، ومُدَبَّرته، وأمَّ ولده، وهو قول جَمْع كثيرٍ من الصَّحابة والتابعين. واعتبره سعيد بن المُسَيَّب، وعِكْرِمة، وطاوُس، وقَتَادة والزُّهْرِيّ في الموطوءة. وقيّدنا بكون التّحريم على التأبيد لأنه لو قال لامرأته: أنتِ علَيّ كظهر أختكِ لا يكون مظاهراً، لأن حرمة أخت امرأته ما دامت امرأته في عصمته.

(وَهُوَ) أي الظِّهار (يُحَرِّمُ وَطْأَهَا وَدَواعِيهِ) بشهوة كمَسَ وقُبلةٍ بشهوةٍ (حَتّى يُكَفِّرَ) لِمَا روى أبو داود من حديث خَوْلَة بنت ثعلبة (٢) قالت: ظاهر مني أوْس بن الصّامت، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكو إليه وهو يجادلني فيه ويقول: «اتقي الله فإنّما هو ابنُ عمِّك». فما بَرِحْتُ حتّى أنزل الله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اقَوْلَ الَّتي تُجَادِلُكَ في زَوْجِهَا} (٣) الآية، فقال عليه الصلاة والسلام: «يعتق رقبة». قالت: لا يجد. قال: «فيصوم شهرين متتابعين». قالت: إنّه شيخٌ كبيرٌ لا يستطيع أنْ يصوم. قال: يُطْعِمُ ستين مسكيناً. قالت: ليس عنده شيءٌ يتصدّق به. قال: «فإني أعينه بِعَرَقٍ (٤) من تمرٍ». قالت: يا رسول الله وأنا أُعِينه بعَرَقٍ آخر. قال: «أحسنتِ، اذهبي فأطعمي بهما عنه ستين مسكيناً، وارجعي إلى ابن عمك».


(١) سورة المجادلة، الآية: (٢).
(٢) ففي المطبوع وسنن أبى داود ٢/ ٦٦٣: خويلة، وفى المخطوط: خولة، وكلاهما صواب. وجاءت تسميتها في "تهذيب الكمال" ٣٥/ ١٦٣ بكليهما: (خولة وخويلة).
(٣) سورة المجادلة، الآية: (١).
(٤) حُرِّفت في المخطوطة في هذا الموضع، والمواضع الثلاثة الآتية إلى: الفرق. والصواب ما أثبتناه من المطبوع وسنن أبي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>