المَكِّيّ، عن الحسن، عن عمر: أنّ امرأة أتت فأخبرته أَنّ زوجها لا يصل إليها، فأجَّله حولاً، فلما انقضى ولم يصل إليها، فخيَّرها فاختارت نفسها، ففرّق بينهما عمر، وجعلها تطليقةً بائنةً.
وأمّا الرِّواية عن عليّ، فأَسندها ابن أبي شَيْبَة عن الضَّحاك، عن عليّ (١) قال: يؤجَّلُ العِنِّين سنةً، فإن وصل إليها وإلاّ فُرِّقَ بينهما. وأسندها عبد الرّزّاق عن يحيى، (عن عليّ) قال: يؤجّل العِنِّين سنةً، فإن أصابها، وإلاّ فهي أحقّ بنفسها. وأمّا الرِّواية عن ابن مسعود، فأسندها ابن أبي شَيْبَة عن حُصَيْن بن قَبِيصَة، عن عبد الله بن مسعود قال: يؤجّل العنّين سنةً فإن جامعها، وإلاّ فُرِّق بينهما. وأُسند عن المُغِيرَة بنحوه.
وإنّما أجّلوه سنةً، لأنّ المرض غالباً يكون لغلبة البرودة، أو الحرارة، أو الرطوبة، أو اليَبُوسة، وفصول السَّنة مشتملة على هذه الأربعة، فعسى أنْ يوافق فصلٌ منها طبعه، فيزول ما به من العارض باعتدال الطبع.
فمتى مضت السَّنة ولم يَزُل، فالظاهر أنّه قد استحكم، وأَنّ حقّها قد فات، فيفرّق بينهما، وهذا معنى قوله:(فَإنْ لَمْ يَصِلْ) الزّوج المرأة (فِيهَا) أي في السَّنة (فَرَّقَ) الحاكم (بَيْنَهُمَا إنْ طَلَبَتْهُ) أي التّفريق لأنه خالص حقّها، فلا بدَّ من طلبها حتى لو لم تطالبه بعد مُضِيّ السّنة التي أجّلها الحاكم لطلبها، لا يَبْطُل حقّها من التّفريق لما قدمنا. ولو تزوّجها بعد تفريق القاضي لم يكن لها خِيار لرضاها بحاله، ولو تزوّج امرأةً أخرى عالمةً بحاله، ففي «الأصل»: لا خيار لها، وعليه الفتوى لِعِلْمها بالعيب، وبه قال أحمد، والشّافعيّ في القديم.
والحاصل: أنّ الزّوج إن وصل إليها ولو مرّةً بقي النّكاح، وإلاّ فالتّفريق بينهما للحاكم. ـي رواية الحسن عن أبي حنيفة بِطَلبها لو كانت حرّة. وظاهر الرِّواية عنه: أنّ التّفريق لها، وبه قالا، لأنّ الشّرع خيرّها عند تمام الحول لدفع الضّرر عنها، فلا يحتاج إلى تفريق القاضي كما إذا خيّرها الزّوج. وأمّا إذا كانت أَمةً فالتّفريق للموْلى عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف: للأمة، لأنّ الوطاء حقّها. وعن محمد: قولان.
(فَتَبِين بِطَلْقَةٍ) وهو قول مالك، وقال الشّافعيّ وأحمد: بفسخٍ، لأنّها فُرْقة من جهتها. قلنا: بل هي فُرْقة من جهته، لأنّ فعل القاضي مضافٌ إليه لنيابته منابه لامتناعه