للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بد من سُترَةٍ بينهما في البائن، وإن ضاق المنزلُ عليهما، فالأولى خُروجُه.

وحَسُنَ أن يُجْعَلَ بينهما امرأةٌ قادرةٌ على الحَيلولة.

ولو أَبانَها، أو مات عنها في سفر، وليس بينها وبين مِصْرِها. مسيرةُ سفرٍ، رجعتْ إلى مِصرها،

===

وإنما تعتد في منزلها لما روى مالك في «الموطأ»، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي، والترمذي ـ وقال: حسن صحيح ـ: أَنَّ فُرَيْعة بنتَ مالك أخت أبي سعيد الخُدَري لما قُتل زوجها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أَرجِع إلى أهلي، فإن زوجي لم يترك لي مسكناً يملِكه، ولا نفقة، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «نعم»، قالت: فانصرفتُ حتى إذا كنت بالحجرة أو بالمسجد ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أَمرني فنوديت له، فقال: «كيف قلت؟» قالت: فرددت عليه القصة التي ذكرتُ له من شأن زوجي. قال: «امكُثي في بيتك حتى يبلغَ الكتابُ أجله». قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً. قالت: فلما كان عثمانُ أرسل إليَّ فسألني عن ذلك فأخبرته فاتَّبَعَه.

ثم تعيين المنزل الذي تنتقل إليه عند الضرورة إلى الزوج في الطلاق وأجرته عليه، وإلى المرأة في الوفاة وأجرته عليها. وإذا سكنت منزلاً آخر لا تخرج منه إلا لعذر، لأن الانتقال عن الأول لا يكون إلا عن عذر، فكذا عن الثاني. ولا تخرج إلى صحن دار فيها منازل، لأنه بمنزلة السِّكَّة (١) ، ولهذا لو أخرج السارق المتاع إليه يُقطع.

(ولا بد من سترة بينهما) إن كان سُكْناها في منزل الزوج (في البائن) بثلاث أو بخلع حَذَراً من الخَلوة بالأجنبية (وإن ضاق المنزل عليهما) أي على المعتدة ومطلِّقِها (فالأولى خروجُه) لا خروجُها، لقوله تعالى: {ولا يَخْرُجْنَ} (٢) وكذا الحُكْم مع فِسْقه، لأن مُكثَها في منزل الزوج واجب، ومُكثه فيه غير واجبٍ، ولو خرجت هي بعد إبائه جاز، لأن ذلك عذرٌ لها.

(وحَسُنَ أن يجعل بينهما امرأة قادرة على الحَيْلولة) بأن تكون ثقة تحول بينهما، لحصول المُكْثِ في منزل الزوج حينئذ من غير ضرر يلحقها منه، فلا يُحتاج إلى خروج أحدهما.

(ولو أبانها، أو مات عنها في سفر) سواء كان في مَفَازةٍ أو مِصرٍ (وليس بينها وبين مِصرها) أي محلها الذي خرجت منه (مسيرة سفرٍ، رجعتْ إلى مِصرها) سواء


(١) السكة: الزُّقاق - وهو الطريق الضَّيف نافذًا أو غير نافذ -. المعجم الوسيط ٤٤٠، مادة (سكَّ).
(٢) سورة الطلاق، الآية: (١). وفي المخطوط: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>