للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَكْثرُها سنتان،

===

(وأَكْثَرُها) أي أكثر مدة الحمل (سنتان) وهو قول الثَّوري، والضحَّاك بن مُزاحِم، وأحمد في رواية، لما رَوى الدارقطني والبيهقي في سُنَنَيهما من حديث عائشة: أنها قالت: ما تزيدُ المرأة في الحمل على سنتين، قدر ما يتحول ظل عمود المِغْزل، وهو محمول على السماع، لأن مثلَه لا يُدرك بالرأي. وهذه العبارة مَثَلٌ في القِلَّة، لأن ظِل عمود المِغْزل حال الدوران أسرعُ زوالاً من سائر الأظلال. وقال عبَّاد بن العَوَّام: أكثرُ مدة الحمل خمس سنين. وقال الزهري: ستُ سنين. وقال ربيعة: سبع سنين. وقال أبو عُبيد: ليس لأقصاه حد. وقال مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنهما: أَربع سنين، لأن الضحَّاك ولدته أمه لأربع سنين بعدما نبتت ثَنْيتاه وهو يضحك، فسمِّي ضَحَّاكاً.

ولما روى الدَّارقطني والبيهقي عن الوليد بن مسلم قال: قلت لمالك بن أنس: أي حديث عن عائشة أنها قالت: لا تزيد المرأة في حملها على سنتين قدر ظل المغزل، فقال: سبحان الله مَنْ يقول هذا، هذه جارتنا امرأة محمد بن عَجْلان امرأة صدق، (وزَوْجُها رَجُلُ صِدْق) (١) حملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة: كل بطن في أربع سنين.

وأخرج الدارقطني عن هاشم بن يحيى المُجَاشِعي قال: بينما مالك يوماً جالس إذ جاءه رجل، فقال: يا أبا يحيى ادع الله لامرأة حُبلى منذ أربع سنين، قد أصبحت في كرب شديد. فغضب مالك وأطبق المصحف، ثم قال: ما يرى هؤلاء القوم إلا أنَّا أنبياء، ثم قرأ، ثم دعا وقال: اللهم إن كان في بطن هذه المرأة ريح فأخرجه عنها الساعة، وإن كان في بطنها جارية فأبدلها بغلامٍ، فإنك تمحو ما تشاء وتُثْبِت وعندك أمّ الكتاب، ثم رفع مالك يده ورفع الناس أيديهم، وجاء رجل إلى الرجل فقال: أدرك امرأتك، فذهب الرجل، فما حطّ مالك يده حتى طلع الرجل من باب المسجد على رقبته غلام جَعْد قَطَط ابن أربع سنين، قد استوت أسنانه ما قطعت سِرَاره. وجَعْد قَطَط: أي شديدُ الجُعُودة.

وأجيب بأن الأحكام تُبنى على العادة الظاهرة، وبقاء الولد في البطن أكثر من سنتين إن ثبت في غاية النُّدرة، فلا يُبنى عليه حكم، مع أنه حكاية حال فيها احتمال أن يكون الولد منها، أو من غيرها، أو كان في بطنها ريح قبل حَمْلها ونحو ذلك، فإن


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>