للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي دَيْن غيرها يُبَاع مرة واحدةً. وتَجِبُ سُكناها في بيتٍ ليس فيه أحدٌ من أَهْلِهِ، ولو ولدَه من غيرها إلَّا برضَاها. وبيتٌ مفردٌ مِن دَار له غَلَقٌ كَفَاها.

===

وقد ظَهَر وجوبُه في حق المولى فيتعلق برقبته، كدين التجارة في العبد المأذون. ولما كان حَقُّها في النفقة لا في عين الرَّقبةِ كان للسيد أن يفديه، ولو مات العبد سقطت النفقة، وكذا المهر، لفوات محل الاستيفاء، كالعبد الجاني، وكذا لو قتل في الصحيح. قيد بالقن، لأن المدبَّر (١) ، وولد أم الولد (٢) لا يباع، بل يسعى (٣) وكذا المكاتَب (٤) ما لم يعجِز. وقيدنا بإذن المولى، لأنه إذا تزوج بغير إذنه لا يباع فيها. وقال الشافعي: لا يباع القِنُّ في نفقة عِرسِه، ويثبت لها الخِيار في الفُرقة. وقال أحمد: لا يباع، ونفقتُها على سيده، وفي رواية: في كسبه.

(وفي دَيْن غيرها) أي غير النفقة كالمهر (يُبَاع) القِنُّ (مرة واحدةً) إذا عجِز عن أدائه ولم يَفْدِه مولاه. والفرق أن دين النفقة يتجدد في كل زمان، فيكون ديناً آخر حادثاً بعد البيع، ولا كذلك سائر الديون. وقد تقدم: أن الأمة والمُدبَّرة وأم الولد لا تجب لها النفقة على زوجها إلا بالتبْوِئة (٥) . وأما المكاتَبة فهي في يد نفسها، وليس لمولاها أن يستخدمها، فكانت كالحرة في استحقاق النفقة على الزوج إذا لم تحبس نفسها منه ظالمة.

(وتجب سُكناها) أي سكنى المرأة على الزوج (في بيتٍ) بالمِلْك، أو الإجارة، أو الإعارة، أو بالوقف عليه، (ليس فيه أحدٌ من أهله) ساكن معها (ولو) كان (ولدَه من غيرها) لأن السكنى حقها، فلا يشترك معها غيرها، كالنفقة (إلا برضاها) لأن لها إسقاطَ حقها.

(وبيتٌ مفردٌ من دار له) أي لذلك البيت (غَلَقٌ) ومرافق (كَفَاها) لحصول


(١) المُدَبَّر: الرقيق الذي عُلِّقَ عِتْقه على موت سيده، ومثاله قول السيد لعبده: إن مِتُّ فأنت حُرٌّ. معجم لغة الفقهاء ص: ٤١٨.
(٢) أُمُّ الولد: الأمة التي حملت من سيدها وأتت بولد. معجم لغة الفقهاء ص: ٨٨.
(٣) السعي: أن يكلف العبد الحمل ليؤدي به عن نفسه إذا أُعتق بَعْضُهُ ليعتق ما بقي. القاموس الفقهي ص ١٧٣.
(٤) المُكَاتَبُ: الرقيق الذي تمَّ عقد بينه وبين سيده على أن يدفع له مبلغًا من المال نجومًا (مُقَسَّطًا)
ليصير حُرًّا. معجم لغة الفقهاء ص: ٤٥٥.
(٥) التَّبْوئة: هي أَن يخلِّي المَوْلى بين الأَمة وبين زوجها ويدفعها إليه ولا يستخدمها. أَما إِذا كانت تذهب وتجيءَ وتخدُم مولاها لا تكون تبوئة. "رد المحتار" ٢/ ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>