للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن كاتب قِنَّهُ ولو صغيرًا يَعْقِل بمال حالٍّ، أو مُنَجَّمٍ، أو مُؤجِّل، أو قال: جعلتُ عليك ألفًا تؤديها نُجُومًا، أوّلُها كذا، وآخِرُها كذا، فإن أديتَه فأنت حرُّ، وإن عَجزْتَ فقِنٌّ، وقَبِلَ العبدُ، صَحّ، وخَرَج من يدِه

===

متقاربة. والأُوقِيّة: أربعون درهماً (١) .

(فإن كاتب) السيد (قِنَّه ولو) كان القِنُّ (صغيراً يَعْقِل) أي العقد، لأن الكتابة لا بد فيها من القَبُول، ومن لا يعقلُ العقدَ ليس بأهل له (بمال حالّ) أي معجل، مثل: كاتبتُكَ بمِئةٍ حالة، (أو) بمالٍ (مُنجَّمٍ) أي مقسط، مثل: كاتبتك بمئة تؤدي بها كل شهر كذا، (أو) بمال (مؤجل) مثل، كاتبتك بمئة تؤديها بعد شهر (٢) (أو قال: جعلتُ عليك ألفاً تؤديها نُجُوماً) متفرِّقة: (أَوّلُها كذا، وآخرها كذا، فإن أديتَه فأنت حر، وإن عَجزْتَ فقِنٌّ، وقَبِلَ العبدُ، صَحّ) العقد. هذا جوابُ الشرطِ الأول. وقيد بالقبول، لأن هذا إلزام، فلا بد من التزامه وهو بالقبول. والقياس عدم الصحة، لأن للسيد أن يضرب على عبده ما شاء من المال فيما شاء من المدة. وقوله بعد ذلك: «إن أديته فأنت حر» تعليق للعِتقِ بأداء المال، وهو لا يُوجَب الكتابة. ووجه الاستحسان: أن العبرة للمعاني دون الألفاظ والمباني، وقد أتى بمعنى الكتابة وتفسيرها هنا فتنعقد.

وقال مالك والشافعي: لا يجوز كتابة الصغير ولا الكتابة الحالّة. أما الأول: فلأن الصغير ليس بأهل للتصرف، وهذا بناءً على ما ذهب إليه من أن الإذن للصبي في التجارة لا يجوز. وأما الثاني: فلأنه عاجز عن تسليم معقود عليه، لأنه مملوك لا يقدر على شيء، وفي زمانٍ قليلٍ (٣) لا يمكنه التحصيل.

ولنا إطلاق قوله تعالى: {والذيْنَ يَبتَغُونَ الكِتَابَ مما مَلَكتْ أيْمَانُكم} (٤) فإِنه يتناول المعجَّل والمؤجَّل، والكبير والصغير الذي يتأتى منه طلبُ الكتابة. ولأن البدل في الكتابة معقود به، كالثمن في البيع. والقدرة على تسليم الثمن ليس بشرط لصحة العقد ولإمكان فرضه المال والتصدق عليه في الحال.

(وخرج) القِنُّ إذا صحت كتابته (من يده) أي يد سيده. ليتفرغ لتحصيل البدل، ولهذا ليس له منعه من الخروج والسفر وإن شرط ذلك في كتابته


(١) درهم الفضة يساوي ٢.٩٧٥ غرامًا، وعلى هذا فأوقية الفضة ١١٩ غ. معجم لغة الفقهاء ص ٩٧.
(٢) في المخطوط: "عشر" بدل "شهر".
(٣) عبارة المخطوط: "وفي زماننا القليل".
(٤) سورة النور، الآية: (٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>