للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخرُجَ ثم يَدْخُل.

وفي: لا يَسْكُنُ هذه الدارَ لا بد من خروجِهِ بأَهْلِه ومَتاعِهِ أَجْمَع، حتى يَحْنَث بوَتَدٍ بَقِيَ،

===

يَخرُجَ ثم يدخل) استحساناً، لأن الدخول مما لا يمتد، فإنه الانتقال من خارج إلى داخل، فلا يكون لدوامه حكم الابتداء. والدليل عليه قوله تعالى: {فَلَا تَقْعد بعد الذِّكْرَى} (١) أي لا تَمْكُث قاعداً. وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النظرةَ، فإن الأولى لك والثانية عليك» (٢) ، بخلاف السُّكنى، واللُّبْس، والركوب، والقعود، والقيام والنظر ونحو ذلك مما يمتد، فإنه يكونُ لِدوامه حكم الابتداء. والقياس أن يَحنَثَ، وهو قول الشافعي، لأن للدوام حكم الابتداء، حتى لو نوى بالدخول الدوامَ صحت نيته، ولو لم يكن له حكمَ الابتداء لما صحت.

(وفي: لا يسكن هذه الدار) أو المَحَلَّة، أو هذا البيت (لا بد) عند أبي حنيفة (من خروجه بأهله ومَتاعِهِ أجمع، حتى يَحنث بوَتَدٍ بَقِيَ) وبه قال أحمد. وقال مشايخنا: لا يحنَث ببقاء نحو الوتد والمِكْنَسَة، لأنه لا يُعد به ساكناً. وعند أبي يوسف: لا بد من خروجه بأهله وأكثر مَتَاعهِ وعليه الفتوى. كذا في «المحيط» و «الفوائد الظهيرية»، لأن نَقلَ الكلِ قد يتعذرُ، وببقاء الأقل لا يُعد ساكناً. وعند محمد: لا بد من خروجه بأهله ومتاعه الذي يقوم به ضَرُورَاتُهُ، لأن بقاءَ ما وراءَ ذلك ليس بِسُكْنى. وفي «شرح المجمع»: واستحسنه المشايخ وعليه الفتوى، وهو أصح ما يُفتى به من التصحيحين كما ذكره الطرابلسي.

وقال أبو الليث (٣) : إن سَلَّم داره بإجارة أو رد المستأجر إلى المؤجِر لا يحنَث، سواء اتخذ داراً في موضع آخر أو لم يتخذ، لأنه لم يبق ساكناً. ولو كان في طلب مسكن آخر وترك الأمتعة فيها أياماً لا يَحنَث في الصحيح، لأن طلب المنزل من عمل النُّقلة، فصارت مدة الطلب مستثناة بحكم العرف إذا لم يُفرط في الطلب. وبه قال مالك والشافعي وأحمد.

وفي لا يدخل دار زيد ولا نية له حَنِث بالدخول (في المستأجرة


(١) سورة الأنعام، الآية: (٦٨).
(٢) أخرجه أبو داود في سننه ٢/ ٦١٠، كتاب النكاح (١٢)، باب ما يؤمر به من غض البصر (٤٣)، رقم (٢١٤٩).
(٣) وفى المخطوط: أَبو اليسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>