وأقول: أي من حديث بلال بن الحارث، وابن ماجه: عن كثير بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، عن جده؛ أي: عمرو بن عوف المزني. وعزوه إلى الترمذي من حديث بلال خطأ واضح؛ بل هو عنده في "العلم" من حديث كثير - أيضًا - بسنده المذكور عن جده، أن النبي صلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قال لبلال بن الحارث: "اعلم"، قال: ما أعلم يا رسول الله؟! قال: "اعلم يا بلال! "، قال: ما أعلم يا رسول الله؟! قال: "إنه من أحيا سنة .. " الحديث. فهو موجه إلى بلال، وليس من روايته، وليست هذه الزيادة التي ذكرتها عند ابن ماجه، ولا السياق له. وأما قول الترمذي عقبه: "هذا حديث حسن"؛ فمردود، كيف لا؛ وقد قال الشافعي، وأبو داود في كثير هذا: "ركن من أركان الكذب"، وقال ابن حبان: "له عن أبيه، عن جده نسخة موضوعة"؟! ولهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي، كما قال الذهبي. ولقد كان هذا الحديث الواهي مثار شبهة في رد عموم الأحاديث الصحيحة في أن: "كل بدعة ضلالة"، متمسكين بقوله فيه: "ومن ابتدع بدعة ضلالة"، مع أن هذا - لو صح - لا مفهوم له؛ بل هو كقوله - تعالى -: {لا تَأكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَة}، وتفصيل هذا في كتاب "الاعتصام" للإمام الشاطبي. ثم رأيت الحديث عند الهروي في "ذم الكلام" (ق ١٣٩/ ١)، عن بلال بن الحارث، وعن عمرو بن عوف؛ من طريق كثير. ويغني عن هذا الحديث: حديثُ جرير الآتي (رقم:٢٠٨).