للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التاسعة عشرة] "وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه" فإن مقتضى الأول أنه لا يدري هل ورد الحديث الذي ساقه في الحرورية؟ أو لا ويقتضي الثاني أنه ورد فيهم، ويمكن الجمع بأن مراده بالنفي هنا أنه لم يحفظ فيهم نصاً بلفظ الحرورية، وإنما سمع قصتهم التي دل وجود علامتهم في الحرورية بأنهم هم. اهـ.

(يخرج في هذه الأمة -ولم يقل منها- قوم) لفظة "من" تقتضي كونهم من الأمة، وليسوا كفاراً، بخلاف لفظة "في" فيؤكد أبو سعيد أنه سمع لفظ "في" ولم يسمع لفظ "من" ليحكم عليهم بالكفر.

لكن جاء من رواية علي [روايتنا السابعة والعشرين] "يخرج قوم من أمتي ... " قال النووي: والخلاف في تكفيرهم واقع، والصحيح عدم تكفيرهم. اهـ.

وجمع الحافظ ابن حجر بأن المراد بالأمة في حديث أبي سعيد أمة الإجابة، وفي رواية غيره أمة الدعوة. اهـ.

والتحقيق أنه لا يستدل بلفظة "في" على تكفيرهم، ولا بلفظة "من" على عدم تكفيرهم فهم من الأمة قبل خروجهم بلا نزاع عملاً بالحكم الظاهر. وأما الخلاف فبعد خروجهم، وبعد أن اعتقدوا ما اعتقدوا.

(قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم) "تحقرون" بفتح التاء، أي تستقلون صلاتكم إذا قارنتموها بصلاتهم، وفي الرواية التاسعة عشرة "يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم" وفي الرواية السابعة والعشرين "ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء" وفي بعض الروايات "تحقرون أعمالكم مع أعمالهم" وفي بعضها "يصومون النهار ويقومون الليل ويأخذون الصدقات على السنة" وفي بعضها "يتعبدون يدأبون ويعملون حتى يعجبوا الناس، وتعجبهم أنفسهم" وفي بعضها "يتعمقون في الدين" وفي حديث ابن عباس "فأتيتهم، فدخلت على قوم لم أر أشد منهم اجتهاداً، أيديهم كأنها ثفن الإبل - يابسة من العمل وثفن الإبل ركبها وما يلاقي منها الأرض عند ركوبها، فتغلظ وتخشن- وجوههم معلمة من أثر السجود" وفي الرواية الخامسة والعشرين "يقولون من خير قول البرية" وفي معناه قيل: إنه مقلوب، والمراد من قول خير البرية، وهو القرآن، وقيل: هو على ظاهره، والمراد القول الحسن في الظاهر دون الباطن، ففي رواية الطبراني "يحسنون القول ويسيئون الفعل".

فهذه الصفات في مجموعها تفيد أنهم كانوا يجتهدون في العبادة، ويكثرون من القراءة والتلاوة، ويظهرون بمظاهر الزهد والخشوع ويبالغون في ذلك لدرجة التنطع والتزمت والاستبداد في الرأي، وتأويل النصوص على غير المراد منها.

(آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تتدردر) في الرواية السادسة والعشرين "فيهم رجل مخدج اليد، أو مودن اليد، أو مثدون اليد" وفي الرواية السابعة

<<  <  ج: ص:  >  >>