العمارة تنتهي على ما كانت عليه أوّلا، فاجتمع الخاصّ والعامّ، ونائب السّلطنة، والقاضي الحنفيّ الآذن بالبناء، وبقيّة القضاة، وصدرت الدّعوى من الشّيخ تاج الدّين أبي الوفاء ابن أبي الوفاء عند القاضي المترجم، وسأله الحكم بما يقتضيه الشّرع فحكم بعدم إعادة الكنيسة المذكورة، وبهدم البناء الجديد، وبعض القديم، ولم يزل العوامّ يهدمون حتّى نهاهم القاضي، واستمرّت مهدومة إلى يومنا، وقد نقلت هذه الحادثة عن الشّيخ أبي الوفاء من لفظه.
ومنها: أنّ النّصارى ببيت لحم قد أحدثوا بناء في الكنيسة، وورد مرسوم شريف بالنّظر في ذلك فتوجّه نائب السّلطنة وشيخ الصّلاحية والقضاة والمشايخ والصّوفيّة إلى بيت لحم وسئل الحكم بما يقتضيه الشّرع الشّريف، فحكم بهدم ما استجدّ من البناء ولم يخف في الله لومة لائم، وكان ذلك يوم الثّلاثاء تاسع عشر صفر سنة ٨٥٦، ثمّ توجّه جماعة من الفقراء والنّائب وهدم البناء في يوم الأحد رابع ربيع الأوّل، وكان يوما كثير المطر، وتوجّه القاضي المذكور إلى كنيسة قمامة وهدم الدّرابزين الخشب المتجدّد بها، ونقل أخشابه إلى المسجد الأقصى الشّريف بالتّكبير والتّهليل، وكان يوما مشهودا.
ومنها: أنّ نصرانيّا من طائفة الحبشة وقع في حقّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم فرفع إليه أمره اعترف عنده بما صدر منه فخذّله بعض النّاس وقال: إنّ هذه الطّائفة للدّولة بها اعتناء، ونخشى عاقبة هذا من جهة السّلطان، فلم يلتفت لذلك وحكم بسفك دمه فضربت عنقه، ثمّ أخذه العوامّ وأحرقوه في صحن كنيسة قمامة.