استحسن، فلا يخالفه التّلميذ في شيء أصلا، بل كان الطّلبة يمتثلون منه أدنى إشارة ويعدّونها أسنى بشارة، وتركوا أوطانهم وأهاليهم وعكفوا بناديه، فممّن برع منهم حتّى وصل إلى درجة التّأليف شيخ مشايخنا العلّامة فرضيّ زمانه الشّيخ محمّد بن سلّوم، والفقيه النّبيه الشّيخ عثمان بن جامع، وابنه الأديب اللّبيب الشّيخ عبد الله بن عثمان، والمحقّق النّجيب الشّيخ عبد العزيز بن عدوان بن رزين، والماهر الباهر الشّيخ أحمد بن حسن بن رشيد، والعلّامة الورع الزّاهد الشّيخ إبراهيم بن ناصر بن جديد، والمحقّق البارع الشّيخ ناصر ابن سليمان بن سحيم، والفاضل الشّيخ عبد الله ابن داود وغيرهم، ومن هو دونهم خلق لا يحصون من الفضلاء، من أهل الأحساء، والبحرين، والبصرة، وبلد سيّدنا الزّبير ونجد، بل لا يعرف في عصره لغيره من الشّهرة مثل ما له، بحيث إنّه يطلق عليه شيخ العصر، وكان قصير القامة، طويل الاستقامة، عليه أنوار زاهرة، وآثار للعلم والصّلاح ظاهرة، مهيبا معظّما عند الملوك فمن دونهم، مقبول الكلمة، نافذ الإشارة، بحيث كاتب السّلطان عبد الحميد خان كان يستنجده على قتال البغاة الخارجين بنجد، رأيت مسوّدته بخطّ ابنه النّجيب الشّيخ عبد الوهّاب، وافتتحه بقصيدة من نظمه، ونثر بليغ فتحرّك لذلك، ولكن اخترمته المنيّة قبل إتمام مرامه، وكان الشّيخ معهم في همّ وأذى، ونصبوا له الحبائل حتّى بذلوا على قتله خمسمائة أحمر ذهبا، فتسوّر عليه جماعة من الأشقياء ليلا وطلعوا إلى داره في سلّم فانكسر بهم وتعطّل بعضهم فحمله الباقون وهربوا، فعدّت/ هذه من الكرامات الّتي لا تنكر،