للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان الشّيخ يردّ عليهم (١) ويبيّن خطأهم وينصح النّاس عنهم، فلهذا اتّخذوه أكبر الأعداء، وكفّروه، وصار عندهم يضرب به المثل في عظيم الشّرك، وأنّه ممّن أضلّه الله على علم، فلمّا رأى هذا منهم وهم في شوكة، وصولة وفتك وسبي وأمرهم في ازدياد، وعرف أنّهم يأخذون الأحساء فلم يطب له المقام بها، وارتحل بأهله وأولاده ومن يعزّ عليه إلى البصرة وتبعه تلامذته فسافروا دفعات برّا وبحرا مع غاية الخوف والوجل فسلّمهم الله، ولمّا وصل البصرة تلقّاه واليها عبد الله آغا بالإكرام والتّعظيم، وهرع إليه الخلق على مراتبهم للسّلام عليه والتّبرّك برؤيته (٢)، والتماس أدعيته، فكان يوما مشهودا، امتلأت منه قلوب أهل البصرة سرورا، وطلب منه الآغا المذكور أن يقرأ «صحيح البخاريّ» في جامعه الّذي بناه ب «سوق البصرة» فجلس الشّيخ للإقراء، وتكاثر الخلق حتّى ضاق المسجد عنهم، فوسّعه لأجل هذا الدّرس، وقد نقلنا قول من حضر ذلك الدّرس أنّ الشّيخ كان يملي «صحيح البخاريّ» بأسانيده من حفظه، ولكنّ المخبر رجل عامّيّ لا يعتمد نقله في مثل ذلك، بل أخبرني آخر مثله قال: كنّا عند الشّيخ إبراهيم بن جديد في بلد سيّدنا الزّبير فدخل عليه شخص بهيئة بدويّ فقام له الشّيخ واعتنقه وأكرمه، وأقبل إليه بكلّيّته، فاستغربنا ذلك فلمّا خرج قلنا للشّيخ عن ذلك، فقال: هذا من


(١) رأيت في بعض المجاميع أنّ رده على الشّيخ محمد بن عبد الوهّاب موجود عند بعض الكتبيين في بيروت لا يتجاوز خمسين ورقة، ولم أطلع عليه لتوالي الأحداث في بيروت، ولعل هذا الرد هو: «الرسالة المرضية في الرد على الوهّابية» المطبوع.
(٢) انظر التعليق على الترجمتين رقم ٥، ٣٧.