للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أمور الدّين، وطلبوا منه أن يتولّى القضاء فأبى، فلم يزالوا به حتّى ولي بغير معلوم، ولا خدم، وصار خطيب الجامع، وواعظه الّذي تذرف منه المدامع، ومدرّس الفقه ومفتيه، ومسدي المعروف ومؤتيه، وكان في الفقه ماهرا، وفي الزّهد والتّقى باهرا، متواضعا جدّا، سخيّا، طلق الكفّ ولو بالدّين، لا يدّخر شيئا قلّ أو جلّ، وعلى كثرة ما يأتيه كان يحتاج؛ لكثرة ما عوّد الفقراء والطّلبة والواردين من الإحسان، وكان يباشر خدمة بيته وأضيافه بنفسه، أخبرني شيخنا التّقيّ النّقيّ الشّيخ محمّد الهديبي- وكان من أخصّ تلامذته- أنّه إذا أتاه زائر قام بنفسه وأخرج له تمرا من قوصرة (١) كانت عنده بيده.

قال: ولمّا عزمت على الرّحلة إلى الحرمين، قال لي: تسافر عن أحبابك


(١) القوصرة والقوصرّة مخفّف ومثقّل: وعاء من قصب يرفع فيه التّمر من البواري، وينسب إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.
أفلح من كانت له قوصرّه … يأكل منها كلّ يوم تمره
هكذا في «الصّحاح واللّسان» (قصر) ونقل عن ابن دريد: لا أحسبه عربيّا.
قال أبو بكر ابن دريد في «الجمهرة»: (٢/ ٧٤٣): «فأمّا القوصرّة التي تسميها العامة قوصرة فلا أصل لها في العربيّة، وأحسبها دخيلا، وقد روي لعلي بن أبي طالب … ولا أدري صحّة هذا البيت».
وعن ابن دريد في «المعرّب» لأبي منصور الجواليقيّ: (٢٧٧).
وإذا ثبتت نسبة البيت إلى أمير المؤمنين فلا شكّ أنّه في غاية الفصاحة عربي بلا شكّ، سواء أكان مرتجلا في لغة العرب.، أم معرّبا تكلّمت به العرب قديما ثم جاء في الشّعر وفي كلامهم المنثور.