للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس ثمة فائدة في الاستماع إلى شكاواهم، ولا الاهتمام لتكاثرهم، وهو تكاثر يزداد بصورة مضطردة مع فقرهم).

وهذا ما عاد الجنرال كاترو فأكده بقوله:

(يعيش المستوطنون أكثر من غيرهم من الناس تحت سيطرة غرائزهم، أكثر مما يعيشون وفقا لمتطلبات العقل ومعطيات المثل العليا. وقد ظلوا عن طريق الوراثة الرجعية، على النحو الذي كان عليه آباؤهم عندما ذهبوا إلى إفريقيا لاستيطانها، وهم يشكلون

الرواد الأوائل، حاملين معهم طبيعتهم الميالة إلى العمل وإلى العزلة، فنفذوا بحماسة رائعة ونجاح منقطع النظير مشاريع تحمل طبيعتهم الفردية ومصلحتهم الشخصية. وهم على ضوء هذا يمثلون مجموعة من الأفراد، أكثر من تمثيلهم لجماعة محددة تقوم على مجموعة من الأسس والتقاليد. وهم لا يتنادون إلى التجمع والعمل المشترك إلا دفاعا عن مصالحهم. ولكن هذه المصالح، التي هي في حد ذاتها مصالح طبقية، لا تكون دائما منسجمة مع مصالح فرنسا. ويفتقر هؤلاء الرجال، على الرغم من حسن نيتهم، إلى الفضائل الخلقية الروحية، والتقليل من المفاهيم المادية والأنانية الشديدة الغرور تجاه علاقاتهم مع أهل البلاد. وهم - أي المستوطنون - يفتقرون أيضا إلى خميرة كريمة وأصيلة من الثقافة غير المتحيزة، وإلى تذوق الأفكار، ويتضخم هذا الافتقار مع مرور السنين، ومع ازدياد الثروة، (١).


(١) الجزائر الثائرة (جوان غيسلبي) ص ١٨ - ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>