المهم في الأمر هو أن امتلاك المستوطنين للثروة قد مكنهم من فرض إرادتهم على الحكم الإفرنسي في باريس، وقد اعترف رئيس الوزراء الإفرنسي (جوليوس فيري) بفشل سياسة (الدمج) في سنة ١٨٩٤، فتم تشكيل مجلس أعلى للجزائر، يضم ستين عضوا بينهم سبعة عشر فقط من الجزائريين.
وخففت فرنسا في العام ١٨٩٦ من ارتباطاتها بالجزائر، وأصبح من حق الجزائر - جزائر المستوطنين - في سنة ١٩٠٠ أن تشرف على شؤونها المالية، ونص قانون صدر في العام ١٨٩٨ على تكوين هبات مالية جزائرية تضم (٢٤) عضوا من الجزائريين و (٤٨) عضوا من المستوطنين - وكانت هذه الهيئات المالية هي التي تقترح الموازنة الجزائرية التي أطلق عليها اسم (باستيل المستوطنين) وظلت تسيطر على البلاد من العام ١٨٩٨ إلى العام ١٩٤٥. وكان المستوطنون والجزائريون من أعضاء هذه الهيئات المالية يمثلون المصالح الضخمة لأصحاب الأملاك. ولم يكن المستوطنون يبدون أي اهتمام بمصالح الجزائريين ورفاهيتهم وكانوا يعزون مشاعر القلق عند الجزائريين إلى التأثيرات الخارجية.
لقد حارب عدد كبير من أبناء الجزائر (ومن أبناء المغرب العربي الإسلامي عامة) تحت العلم الإفرنسي وللدفاع عن (شرف فرنسا) غير أن تضحياتهم قوبلت بالجحود والإنكار من قبل المستوطنين، فقد تصدى هؤلاء لمقاومة كل إصلاح أرادته الحكومة الإفرنسية، لا من أجل مصلحة الجزائريين وإنما من أجل مصلحة فرنسا بالدرجة