واستمرت الإدارة الإفرنسية في إصدار مراسيم المصادرة للأراضي الجزائرية، مغتنمة كل فرصة مناسبة لإحكام سيطرتها على البلاد. وكان فشل ثورة الإخوان الرحمانيين (ثورة المقراني والحداد ١٨٧١) فرصة مناسبة للإفرنسيين من أجل اغتصاب عدة ملايين أخرى من الأفدنة، مما أنزل ضربة أخرى بالمجتمع الريفي الجزائري.
وأدى هذا العمل إلى إفقار الكثيرين من رجال القبائل الذين كانوا من أشد الناقمين على فرنسا. ودفع بهم إلى الهجرة، والانتشار في كل أنحاء الجزائر بحثا عن العمل. وصدر قانون إفرنسي في العام ١٨٧٣ سمح ببيع أراضي القبائل أو أراضي الوقف. وكانت الأرض إذا بيعت، انتقلت إلى الخضوع لقوانين الأراضي الإفرنسية، وأصبح من المحال إعادتها إلى القوانين الجزائرية الإسلامية، حتى لو كان من ابتاعها جزائريا. وأدت الفوارق بين قوانين تملك الأراضي الإفرنسية والإسلامية إلى بقاء هذه المشكلة حتى في القرن العشرين سببا من أسباب نقمة الجزائريين وسخطهم، لا سيما وأن هذه القوانين في جملتها فرضت على رجال القبائل الإقامة في مناطق معينة، وقيدت حركتهم وحركة قطعان مواشيهم عبر المنتجعات ومناطق الرعي الخصبة التي كانت لهم من قبل. كما أدت عمليات الاغتصاب المتعددة، إلى تراجع الجزائريين عن المناطق الساحلية التي تضم الأراضي الخصبة، وانسحابهم نحو الداخل حيث الأراضي الجبلية المقفرة، والتي تصعب زراعتها.
وهكذا تمزقت الطبقة المتوسطة الجزائرية وضعفت، وعلى سبيل المثال، فقد كان عدد سكان الجزائر يقدرون تقريبا بـ (٧٥) ألفا قبل