كتب (جوريس) بأن أول معرفة له بالقضية الجزائرية، قد جاءته عن طريق (محاسب معهد كاستر) حيث كان (جوريس) في سنته الدراسية الثالثة عشرة. وإن هذا المحاسب ذكر له بأنه أمر حاجبه بمساعدته من أجل ضرب عامل الحديقة ضربا مبرحا. وذلك عندما كان يعمل في الجزائر، لأن عامل الحديقة العربي تجرأ على استخدام (المرحاض) الخاص ببيت المحاسب فشعر الشاب اليهودي جوريس (بالهوة التي انحدرت إليها عبودية الإنسان) وكتب عن ذلك ما يلي: (شعرت بالشفقة الكبيرة تجاه هذا العرق
العربي، الذي يعمل الجنود والقسس على تجريده وسلبه كل حقوقه. وتخيلت هذا الرجل وقد جلس يحكي لأطفاله، بكل هدوء، تلك الأعمال البشعة والمجردة من الشجاعة. ولا ريب أن العادة المستمرة في ممارسة الضغط غير المسؤول قد جرد هؤلاء الناس من ضمائرهم).
تجدر الإشارة إلى أن ظاهرة (الشفقة على مخلوقات المستعمرات - من العرب المسلمين خاصة) كانت في تلك الفترة هي البدعة السائدة - المودة - في وسط دهاقنة الاستعمار. فتولى الجمهوريون الإفرنسيون، قضية الدفاع عن حقوق مواطني المستعمرات. وعمل (بول بيرت) وزير التعليم الإفرنسي، على تشكيل (جمعية حماية الجزائريين) في سنة ١٨٨٣، وكذلك عمل الاقتصادي (ليوري - بوليو) صاحب نظرية التوسع الاستعماري والذي ترأس (الجمعية الإفرنسية لحماية أبناء البلاد الجزائريين). ومن المعروف أن (ظاهرة الشفقة) هذه كانت مرتبطة تاريخيا بعملية النهب الاستعماري، واستغلال اليد العاملة في المستعمرات.