يمكن هنا التوقف قليلا عند مقولة (ضد اليهود) وهي التي سبقت مقولة (ضد السامية) في الجزائر. ويتطلب ذلك العودة إلى
ردود فعل المهاجرين اللاتين تجاه اليهود، والذين هاجروا للاستيطان في الجزائر حاملين معهم أفكارهم ومعتقداتهم المضادة لليهود. ومعروف أن اللاتين يحملون حقدا ضد اليهود (قتلة السيد المسيح - بحسب اعتقادهم). وقد بقي هذا الاعتقاد قويا في وسط الإسبانيين الذين استوطنوا في (وهران) والمالطيين والإيطاليين الذين استقروا على ساحل قسنطينة وفي (الجروة). وعندما صدر (قانون كريميو) - بمنح الجنسية الإفرنسية لليهود - أفاد هؤلاء الكاثوليك منه لإثارة الأحقاد في أوساط المواطنين الجزائريين المسلمين، والتظاهر في الوقت ذاته بالأسف لاضطرارهم لمحاباة اليهود الذين أصبحت لكتلة أصواتهم الانتخابية ثقلها في التحكم بانتخاب نوابهم. وأصبحت الحركة المضادة لليهودية في الجزائر، منذ ذلك الحين، قاعدة في لعبة الانتخابات البرلمانية.
تشكلت أول (جمعية ضد اليهود) في الجزائر، غداة انتخابات تموز - يوليو - ١٨٧١. وقام أفراد المعسكر الذي فشل في الانتخابات بتوجيه اتهاماتهم لليهود، كما أدانوا قانون كريميو الذي تسبب في إثارة القبائل الكبرى التي احتضنت ثورة المقراني والحداد (سنة ١٨٧١). واستخلص الجمهوريون (الانتهازيون) النتيجة من ذلك، فقرروا استثمار القوة الانتخابية لليهود، وأخذوا في إجراء الاتصالات مع سماسرة اليهود الذين تعهدوا لهم بضمان النجاح في الانتخابات بصورة مستمرة. وذهب اليهودي الشهير