(خير الدين) صنعها وشكل منها دولة الجزائر. غير أن حكم (ابن القاضي) تميز بالرعونة والقسوة، مما أثار الفوضى والاضطراب في كل مكان، وكان في ذلك مصرعه.
انصرف (خير الدين) لإعادة تنظيم أموره في قاعدته (جيجل) متنقلا ما بينها وبين (جزيرة جربة) وقد أمكن له بما عرف عنه من كفاءة قيادية عالية، وهمة لا تعرف الفتور أو ينال منها التعب. أن يشكل قوة جديدة، وأن يتابع نشاطه البحري بصورة ناجحة. وتعاظمت قدرة جيشه الجديدة. وهنا حددث تحول جديد، إذ وجد عدوه القديم (عبد العزيز ملك قلعة بني عباس) أن من مصلحته التحالف مع (خير الدين) ضد العدو المشترك (ابن القاضي) والذي كان في الأصل هو سبب العداء فيما بينهما. فبرز إلى الميدان من جديد، واسترجع مدينة (القل) وانضمت إليه مدينة (قسنطينة) وجاءته جموع الشعب المجاهد مؤيدة ومناصرة، فسار بها نحو الجزائر. وقاد (الشيخ أحمد بن القاضي) قواته بسرعة، فغادر الجزائر لملاقاة خصمه بين مرتفعات جبال القبائل. والتقت القوتان المتصارعتان عند (ثنية بني عائشة) فدارت الدائرة على (ابن القاضي) وتمزقت قواته حتى لم يبق معه إلا قلة من أنصاره الذين أدركوا ما خسروه من خلال التمزق الذي صنعه قائدهم (ابن القاضي) فقرروا التخلص منه. وجاءت فئة منهم خيمته عند غروب الشمس فقتلوه، وانتهت في سنة (١٥٢٧) تلك الفتنة التي أضعفت الجزائر إلى حد كبير.
لم يكن (خير الدين) بعيدا عن مسرح الأحداث، فأسرع بقيادة قواته، متوجها بها إلى الجزائر، حيث استقبلته جماهير الشعب المسلم استقبال الفاتحين. بعد أن عملت بإرادتها على تدمير (أعداء