كل مكان أنه سيبحر إلى السواحل الإسبانية من أجل الغزو والجهاد. وخرجت السفن فعلا من وراء صخور الجزائر، وأخذت طريقها نحو الشمال، لكن تلك السفن عادت أدراجها تحت جنح الظلام، واختبأت في مرفأ (نتغوس) المقابل للجزائر على الطرف الآخر من الخليج. وكان معقل الصخرة حصينا جدا، وقد بذل الإسبانيون جهدا كبيرا لتحصينه وزيادة قوته، وأقاموا فيه مستودعات ضخمة من الأسلحة والأعتدة والمواد التموينية حتى تتمكن حاميته من الدفاع عنه لمدة طويلة.
لم تتمكن الرمايات الأولى من الأثر كثيرا على تحصينات العقل وأسراره، وفي يوم الخميس ٢٢ أيار (مايو) فتحت بطاريات المدفعية الجزائرية المتمركزة في المدينة نيرانها بكثافة عالية. واستمر القصف طوال يوم الخميس وليل الجمعة بكاملها حتى الفجر، ثم صمتت المدفعية. وظن أفراد الحامية الإسبانية أن العملية قد انتهت، وأنه باستطاعتهم أخد قسط من الراحة، وفي تلك الفترة بالذات كان الأسطول الجزائري يخترق الخليج من ناحية. (تاما - نتغوس) تتقدمها تلك السفينة الضخمة التي كان خير الدين قد غنمها من (البنادقة - دولة البندقية) وشحنها بالسلاح والرجال. وأحاطت السفن بالجزيرة من الشرق والغرب. وعندما تنبه الحرس والمراقبون في القلعة لحركة القوات الإسلامية، وأطلقوا النفير لاستنفار القوات، كان الوقت متأخرا جدا. إذ ما لبث المجاهدون حتى غادروا سفنهم وقاموا بالإنزال فوق أرض المعقل، وهاجموا الحصن يإغارة مباغتة وتمكنوا من اقتحامه.