للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتحال الأقوياء- الاستعماريين- لأنفسهم حق تصحيح الأوضاع التي كونتها الطبيعة. وبكلمة أخرى، محاولة تصحيح أخطاء الطبيعية- إن كانت الطبيعة التي يؤمنون بها معرضة للخطأ - استجابة للنوازع الاستعمارية. وإعطاء هذه النوازع ما أطلقوا عليه اسم (الحق الشرعي - لعمل غير شرعي). وإلباس ذلك كله الرداء (الإنساني). وحرمان الشعوب التي تم إخضاعها للاستعمار من حق ارتداء هذا الثوب الإنساني؟.

المهم في الأمر، هو أن الدول الاستعمارية تبنت النظرية السابقة، وتخلت عن مبدأ الاستثمار البسيط الذي اعتنقته في البدايات الأولى لظهور الاستعمار، وسارت عليه ردحا طويلا من الزمن. وأصبح لهذا الاستعمار أجهزته المتكاملة التي تمارس عملها تحت مظلة غطاء شرعي. غير أن هذه الشرعية في التغطية جاءت من طرف أوروبا الاستعمارية وحدها، التي اعتبرت أن قدرتها تسمح لها بفرض حضارتها حتى لو كانت الشعوب الإسلامية الخاضعة لها ذات حضارات تفوق حضاراتها أو تتعادل معها خلال فترة بداية الاستعمار. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، فإن فرض هذه الحضارة بالقوة من جهة والاستمرار في إضعاف المسلمين الخاضعين للاستعمار من جهة ثانية قد أخل بالمبدأ الذي زعم الاستعمار الإفرنسي- خاصة- أنه قادر على إقامته، وهو تحقيق التوازن في العلاقات المتبادلة، وأدت الممارسات الاستعمارية إلى زيادة الهوة بين الاستعمار الإفرنسي والدول الخاضعة له، وظهر بوضوح أنه من المحال ردم الهوة الآخذة بالتباعد في العمق والاتساع. وإذ ذاك بات المخرج الوحيد هو في

<<  <  ج: ص:  >  >>