للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصم الروابط بين الدول الاستعمارية والدول الخاضعة لها (لا سيما وقد ظهر أن هذا الاستعمار يحمل في جوفه بذور مصرعه) غير أن الرجال الذين عايشوا، فترة ما بين الحربين العالميتين، لم يكونوا يتوقعون حدوث مثل هذه القطيعة بين ليلة وضحاها. وكان الكثيرون ينظرون إلى هذه القطيعة على أنها (أمل بعيد المنال). هذا على الرغم من أن الظروف الاقتصادية الناجمة عن النهب الاستعماري قد زادت من بؤس مواطني البلاد المستعمرة. وتفاقمت خطورة الوضع باقتناع الدول الاستعمارية- والمقصود هنا فرنسا بصورة خاصة - عن تقديم أية مساعدة للمواطنين المسلمين في الجزائر - الأنديجين -. إلى جانب الاستمرار في تطبيق المادة (١٣) من القانون المالي لسنة (١٩٠٠) والتي تنص على ما يلي:

(يجب على البلاد الخاضعة للاستعمار أن تتحمل أعباءها المالية عن طريق الضرائب والغنائم) وعلى هذا، لم تكن الموازنة الإفرنسية تضم في بنودها إلا ما يخص الدفاع، وتغطية قسم من نفقات الأجهزة الإدارية. باعتبار أن هذه الأجهزة مخصصة للموظفين الإفرنسيين ولا يجوز استخدام الموظفين المسلمين فيها نظرا لتخلفهم الثقافي- على حد زعم المستعمرين- وتجدر الإشارة إلى أن ما حققته هذه الأجهزة الإدارية من نجاح في تحقيق المخططات الاستعمارية، قد أدى إلى خلق مناخ من اليأس في قلوب معظم سكان البلاد الخاضعة للإستعمار. وقد برزت هذه الظاهرة بوضوح في المعرض الاستعماري الذي أقيم في سنة ١٩٣١، والذي عرضت فيه، عينات من مواطني البلاد الخاضعة للإستعمار بألبستهم الوطنية التقليدية. وهم المواطنون الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>