وأمريكا بعراها الوثيقة، فإن بريطانيا لم تزعم أبدا بأن الولايات المتحدة هي بريطانيا، كما لم تزعم اسبانيا بأن الأرجنتين أو المكسيك أو الشيلي هي أقطار إسبانية. غير أن الحماقة الإفرنسية صورت لرجال إدارتها ودهاقنة ساستها بأن احتلالها للجزائر، وما أعدته من مخططات في حملتها الصليبية ضد الإسلام والمسلمين، سيتيح لها فرصة إزالة الوجود العربي - الإسلامي من جزائر المسلمين وضمها إلى (الوطن الأم) فرنسا. وهكذا أصدرت منذ ٢٢ تموز - يوليو - سنة ١٨٣٤، أمرا بتحويل الجزائر من أرض محتلة إلى (ملكية فرنسية) ناقضة بذلك كل القوانين والأعراف الدولية، ومتجاهلة لكل الحقائق التاريخية، ومتنكرة لكل حقوق الأفراد والجماعات.
مضت فرنسا قدما في تنفيذ سياستها، فأصدرت مرسوما في ٤ آذار - مارس - ١٨٤٨ يقضي بتشكيل (مجلس الأعيان)(١) باعتبار أن (الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا).
وبعد ذلك وفي سنة ١٨٧٠، أعلنت فرنسا بأن الجزائر تتألف من ثلاث مقاطعات إفرنسية. (ولايات أو عمالات قسنطينة والجزائر ووهران) واتبعت ذلك غداة الحرب العالمية الثانية بإصدار أمر في ٧ آذار - مارس - ١٩٤٤، يعلن:(أن المسلمين الجزائريين أصبحوا فرنسيين. وأعلن قانون ٧ أيار - مايو - ١٩٤٦ أيضا: (بأن جميع الجزائريين هم مواطنون فرنسيون).