فرضت هذه الأنظمة على الجزائر وحدها إن كانت مساوية للأقاليم الإفرنسية؟ ... ثم كيف تتحقق مثل هذه المساواة بين المستوطنين الأوروبيين (الكولون)(١) وبين أبناء البلاد من مسلمي الجزائر في نظام المجالس والمجموعات الجزائرية، وقد انتقص ممثلي المسلمين إلى الخمسين من مجموع العدد الصحيح لهم، في حين كان عددهم الحقيقي يزيد عشر مرات على عدد اللاجئين الأوروبيين (الكولون).
ولقد أقيمت على الحدود في كل من الجزائر وفرنسا هيئات جمركية، وتولى مصرف جزائري إصدار عملة جزائرية غير متداولة في فرنسا - بالرغم من ارتباطها بالفرنك الإفرنسي - ووضع في الجزائر نظام خاص بالمرتبات والأمن الجماعي يخالف تماما النظام السائد في فرسا. فإذا كانت الجزائر هي بريتانيا والنورماندي فلماذا يتم وضع نظام جمركي خاص بالجزائر، وهل بين بريتانيا وباريس جمارك؟ وهل النقود المتداولة في النورماندي مغايرة للنقود المتداولة في مقاطعة البيرينة؟! وطالما أن الأمر كذلك، فلماذا تصر السياسة الإفرنسية، وهي تمعن في ضلالها وتضليلها، على أن الجزائر فرنسية؟.
لقد وضعت فرنسا نفسها أمام مأزق حقيقي بمزاعمها أن (الجزائر فرنسية) إذ بات أمامها واحد من مخرجين لا ثالث لهما: فإما أن تبقي على نظام الإدارة الاستعمارية الذي استمر قائما حتى
(١) الكولون (COLON) اصطلاح قصد به مجموع الأوروبيين الاستعماريين وتنظيماتهم وأجهزتهم.