قيام الثورة التحريرية، وتكون بذلك قد اعترفت ضمنا بوجود وضع مميز وشخصية مستقلة للجزائر. وإما أن تعمل على دمج الجزائر عمليا بفرنسا، فتقتلع النظام الاستعماري من جذوره وتساوي بين فرنسيي (المتروبرل) وبين الجزائريين المسلمين. بحيث يكون القانون المطبق في فرنسا هو ذاته المعمول به في الجزائر، وبهذا أيضا يتقلص ظل الاستعمار عن الجزائر، ويمسك الجزائريون البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة بزمام الحكم في بلادهم.
ولم يكن باستطاعة فرنسا الاستعمارية اللجوء إلى أحد من المخرجين لأنها ستخسر ما اعتبرت أنه من حقها - بحكم التقادم الاستعماري -. هذا بالإضافة إلى أن (فرنسة الجزائر فرنسة حقيقية وعملية) كان لا بد وأن تصطدم برغبات المستوطنين - الكولون - الذين كانوا يستأثرون بملكية الأراضي الخصبة والمغتصبة، والذين كانوا يعملون باستمرار حتى يبقى الجزائريون خدما لديهم وعمالا في مزارعهم، يتقاضون أجورا زهيدة لا تكاد تكفي لتأمين أبسط المتطلبات الحياتية. ويصرون على عدم مساواة الجزائري بالأوروبي حتى لا يطالب بحقه الإنساني المشروع.
وقاوم الأوروبيون المستوطنون في الجزائر - الكولون - دمج الجزائر دمجا عمليا بفرنسا، لأن الجزائريين يشكلون الغالبية العظمى والأكثرية الساحقة في الجزائر، بينما لم يتجاوز عدد الأوروبيين المستوطنين في الجزائر حتى قيام ثورتها في الخمسينات مليون نسمة. فإذا ما طبق قانون المساواة تطبيقا صحيحا يصبح للجزائريين تسعة أعشار الحكم في بلادهم وخمس