الحكم في فرنسا. وكانت فرنسا تخاف من إطلاق يد الجزائريين في إدارة المصالح والمؤسسات الجزائرية حتى لا يؤدي ذلك إلى ظهور احتمال قيام الجزائريين بحركة مباغتة تعلن فيها انفصالها عن (الوطن الأم) وتستقل بأمورها، مستندة في ذلك إلى كل الحجج القانونية والوطنية والدينية.
وبعد ذلك، ومع افتراض قبول فرنسا مكرهة على هذا الحل، فإن الجزائريين لم يكونوا على استعداد لقبوله. وقد تجمعت كل الشواهد لتؤكد حقيقة واحدة وهي رفض كل حل يؤدي إلى إجراء تبديل في أصالتهم القومية وعقيدتهم الدينية. وهكذا بقي النظام السائد في الجزائر - حتى قيام ثورتها - هو النظام المعروف (بنظام التوسع الاستعماري والامتيازات الاستعمارية). وهو النظام الذي لم يعرف فيه أبناء الجزائر المسلمون إلا السلب لممتلكاتهم والنهب لأموالهم والانتهاك لحرماتهم والنيل من مقدساتهم. وقد وصف النظام الاستعماري في الجزائر، حتى قيام ثورتها،: (بأنه نظام استعماري فوضوي قائم على التمييز العنصري والتفرقة الدينية وقوة القهر التي أغرقت المسلمين في حمامات الدم) كما حدد مفهوم حكم الإفرنسيين للجزائر بالمقولة، التي طرحها الإفرنسيون ذاتهم وتضمنت ما يلي: (نحن الإفرنسيين مقيمون في ديارنا بالجزائر، فقد أصبحنا سادة هذه البلاد بالقوة، لأن الغزو لا يتحقق إلا بالقوة التي تفرض وجود طرفين غالب ومغلوب. وقد أمكن تنظيم البلاد عندما تم قهر المغلوبين. وهذا التنظيم يفرض مرة أخرى فكرة تفوق الغالب على المغلوب، وتفوق الإنسان المتحضر من الإنسان