للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب الفاتحين، وأهل البلاد، مع زعماء اليهود، هو أمر من المحال بلوغه. لأنه اعتراف بزعامة البلاد - في فلسطين - فلا يحق لغير العرب، وهم أبناء إبراهيم الأصفياء الموعودون بتلك البقعة المطهرة أن يمتلكوا تلك الأرض، ولا لغير راية الإسلام أن تخفق عليها، ما دام في عرق العرب دم. وفي أجسام المسلمين روح) (١).

هذه الروح الأصيلة، وهذه الإرادة القوية، لم تلبث أن أصيبت بالضعف واليأس نتيجة المعاناة الطويلة والشاقة مع الاستعمار وأجهزته. وقد وصف (المجاهد أحمد توفيق المدني) في مذكراته عن هذا الإنسان المجاهد ما يستحق التسجيل، ذلك أنه ما من إنسان أقدر من الفنان على تصوير محيطه والظروف التي يعيشها. وقد كان عمر راسم فنانا مبدعا تميزت روحه بالرقة والشفافية وهذا ما يعطي لمقولاته أهميتها البالغة في تصوير حالة الجزائر خلال تلك الفترة بأكثر مما تصور الحالة الشخصية للفنان ذاته.

قال الشيخ المدني في مذكراته: (جاءني - عمر راسم - يحمل شبه ابتسامة وقال لي: أنا مطلع على جهادك، إنما أنا متأسف على شبابك، فلماذا تضيع وقتك سدى؟ وقد فوجئت بذلك الحديث ممن كنت أعتقده قبسا من نار الثورة، وشعلة من نور اليقين. وقلت له: هل أنت الأستاذ عمر راسم صاحب جريدة الجزائر الشهيرة - ذو الفقار - والجزائري الوحيد الذي حوكم بتهمة الاتصال بالعدو، وصدر عليه حكم الأشغال الشاقة. قال حزينا كئيبا: أي نعم أنا


(١) ذو الفقار - ٢٨ حزيران - جوان - ١٩١٤ عن الجزائر والأصالة الثورية - الدكتور صالح خرفي - ص ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>