واحتفلوا بعد ذلك احتفالا صارخا، وأكلوا وشربوا وسكروا وعربدوا واختلط حابلهم بنابلهم. ثم أحيوا ليلهم حتى الصباح وسط أنوار كأنها من قلب القمر. كانت عندهم ليلة. وكانت لدى الجزائريين الذين لم يشارك أحد منهم في الاحتفال ليلة نحس مستمر.
ثم زادوا على كل ذلك، أكثر من ذلك، زادوا عليه إقامة مؤتمر كاثوليكي ديني متعصب، جمعوا له القسس والرهبان من كل مكان، وارتفعت أصوات وأصوات ضد الدين الإسلامي؛ وضد العروبة وضد المدنية الساطعة التي لولاها ما كانوا هم ولا كان أجدادهم الأولون. ضربوا الدين في الصميم. لم يتورعوا عن مس الذات المطهرة المحمدية، ووصفها بالشنيع من الأوصاف. لم يمنعهم خجل أو حياء عن إيذاء شعب كامل في دينه وفي دياره، في ساعة هائلة رهيبة. لم يبق فيها لذلك الشعب من معقل يلتجىء إليه إلا الدين.