للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطيعونها إطاعة مخلصة. ثم قام رجال الإدارة الإفرنسية بالمسير، ومعهم رجال الدين من أئمة وحزابين ووكلاء القبور وقراء القرآن على الأموات، إلى (مغار سيدي فرج) التي أرادوا أن يدشنوها معبدا يوم ٥ تموز - يوليو - ١٩٣٠ (يوم الاحتلال البغيض) فقرؤوا هنالك ما أمروا بقراءته من كتاب الله. وهيؤوا لهم خرفانا مشوية، أكلوها سحتا، وكأنهم يأكلون لحم أمتهم، ويمتصون دماء شعبهم، وينهشون عظام شهدائهم.

وقال أحد المسلمين، وهو يغادر الحفل: أقسم بالله ثلاثا، إننا كنا نأكل وكأننا نلتهم النار، وكنا نشرب وكأننا نبتلع السم. وكنا نقرأ القرآن ونشعر أننا كنا (نسب الدين).كانت وجوهنا مصفرة، وكانت سحناتنا مكفهرة، وكان شعورنا جميعا دون استثناء، شعور من احتقر احتقارا لم ينل مثله أي شعب من شعوب الأرض.

وكان الوالي، وكان شيخ بلدية الجزائر الاستعماري الصميم، وكان والي الولاية، يتقبلون الوافدين عمدا في مرسى الجزائر العتيق، تحت حنايا دار الاميرالية الجزائرية الأثرية، ويقولون كلهم، العبارة التقليدية الجارحة التي اعتادوا تكرارها في كل المناسبات:

(في هذا المكان، حيث كانت اللصوصية تضرب أطنابها، وحيث كان الظلم والطغيان، وحيث كانت أوروبا تخضع لهول القرصنة وفظاعتها، نستقبلكم أيها السادة، وقد ساد الأمن، وعاد الرخاء، ونشر العدل بساطة، وزالت اللصوصية، وانمحت القرصنة إلى الأبد. تحت لواء فرنسا العظيم المنتصر).

<<  <  ج: ص:  >  >>