للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندما عرضت رئاسة المجلس على الشيخ ابن باديس، امتنع عن قبولها لأسباب خاصة. منها وجود والده وإخوته كموظفين في الإدارة الإفرنسية - غير أن إلحاح العلماء وإصرارهم على مبايعته حمله على قبول هذه الرئاسة. وجاء يوم الاجتماع، وكان يوم عيد لم تشهد الجزائر قبله عيدا لها منذ قرن من الزمن. كانت الأرواح طاهرة، والنفوس مطمئنة مؤمنة، والقلوب مفعمة بحب الخير والإصلاح. وكان الجو جو ثورة عارمة: تقوم اليوم على الإصلاح، وتقوم غدا لا محالة على السلاح.

(ووقف - عبد الحميد بن باديس - عظيما، هائلا، شامخا كالطود الأشم، وقد هيمن بشخصيته الفذة وبساطته المثالية وتواضعه الجم، على ذلك الاجتماع، وقد أعجب به خصمه كما أعجب به أصحابه ومريدوه. وما هي إلا جولة من الأحاديث البسيطة والخطب الهادفة والمركزة، حتى جاء دور انتخاب الهيئة الإدارية التي صادق عليها كبار العلماء. ففازت بإجماع الحاضرين. وتمت المصادقة على القانون الأساسي بإجماع مماثل. وأصح ابن باديس رئيسا لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين).

هكذا نشأت (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين). ولم تعرف الحكومة الإفرنسية كيف تجابه هذا الموقف الجديد، واكتفت في البداية بالإشارة إلى الحدث؛ فكتب (جون وكشان) في مجلة (فرنتيار) الباريسية يقول تعليقا على جمعية العلماء ومساعيها، بعد أن تكلم عن شخصيات ابن باديس والعقبي والإبراهيمي، ما يلي: (إن هؤلاء الثلاثة قد تعلموا بالشرق، فابن

<<  <  ج: ص:  >  >>