للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحول، فأخذت - على عادتها - في الدس لجمعية العلماء المسلمين والكيد لها. وجاءتها فرصة مؤاتية عندما تصدى الشيخ الطيب العقبي - في درس من دروسه الأسبوعية - للهجوم على الطرق والطرقيين. وكان القاسمي والشيخ بن عليوه وهما من كبار مشايخ الطرق حاضرين، فانسحبا. وانفصل شيوخ الطرق عن الجمعية وأخذوا في العمل لتأليف جمعية (علماء السنة). واغتنمت الإدارة الاستعمارية تلك الفرصة، فعملت على مساعدة الجماعة على تنظيم جمعيتهم، وأعانتهم بواسطة رجالها على بث دعاياتهم، وما فتئت الحرب القلمية أن أعلنت شديدة قاسية بين الطرفين. تمثل جماعة العلماء فيها جريدة (المرصاد) التي كان يحررها محمد عبابسة. وتمثل جماعة المرابطين ورجال الطرق جريدتهم المعروفة (البلاغ الجزائري). وارتاحت الإدارة الإفرنسية إلى أنها تمكنت بهذه الوسيلة من خلق انشقاق خطير سيأتي على جمعية العلماء. غير أن الطبقة الواعية في (جماعة العلماء) تمكنت من (رأب الصدع) وإيقاف المهاترات و (الحرب الكلامية) ومضت على طريق العمل والبناء.

جاء تأسيس (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) ليضع حدا فاصلا وحاسما بين ماضي الجزائر، وهي تحت النير الاستعماري، وبين حاضرها الذي أشرق زاهيا في ميدان النهضة الإسلامية -العربية. ولقد كان ذلك الحاضر الجديد هو الأساس الراسخ المتين الذي بني عليه المستقبل، مستقبل الجزائر تحت راية الحرية والاستقلال، وبسيل من دماء المجاهدين الأبرار وقوافل الشهداء الأخيار.

<<  <  ج: ص:  >  >>