للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بات من المحال فصل الدين عن السياسة. فالمطالب السياسية تعبير عن تطلعات الجماهير. والجماهير تعتمد في قاعدتها على العقيدة الإسلامية وعلى العروبة، والسلطة الإفرنسية تلقي بكل ثقلها لمحاربة الإسلام والعروبة. وكان لا بد في النهاية من حدوث الصدام الذي تم التعبير عنه باسقالة (٩٥٠) نائبا جزائريا مسلما بصورة إجماعية من كل المجالس البلدية والمالية والنيابية التي يشغلونها، ووقف الاستعماريون الإفرنسيون لمواجهة التيار وشعارهم: (إن كل ما يناله المسلم الجزائري ينتقص من حقنا. فالجزائري محكوم. وعليه أن يطيع النظام).

وعلى أثر ذلك، جاء وزير الداخلية الإفرنسي - رينيه - لزيارة الجزائر (١). وضرب المستوطنون والإدارة الإفرنسية نطاقا حوله، فلم يسمحوا له الاتصال بممثلي الجزائر، وأوهموه أن الجزائر تسير على طريق الثورة. فطرح مقولته: (الأمن قبل كل شيء). وعاد إلى فرنسا بعد أن أصدر قانونا زاجرا يستطيع أن يلهب جلد كل مجاهد جزائري، مهما كان لونه، بسوط من حديد. وأخذت وطأة الإرهاب تتزايد ثقلا وشدة، وأخذ العنف يزداد غلوا كلما أمعن المسلمون في الشكاية. وجاءت سنة ١٩٣٦، ونجح في الانتخابات الإفرنسية تكتل الشمال الذي ضم الراديكاليين والشيوعيين والاشتراكيين. وتشكلت (حكومة الجبهة الشعبية) برئاسة (ليون بلوم).

قابل المسلمون ذلك بحركة شعبية واسعة، وعقدوا مجموعة من


(١) جرت هذه الزيارة في صيف سنة ١٩٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>