للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(العرقية) التي يذكيها المستعمر في كل شبر عربي ليمزق بها العروبة والإسلام.

(الطائفية) التي يغذيها ليغذي بصراعها وجوده وتسلطه، هي ذاتها التي ينطلق منها - ابن باديس - حجة على المستعمر وفلسفته، ومنها ذاتها يصبغ العروبة بصبغتها الأصيلة التي تتنزه عن العرقية وتتعالى على الطائفية - وها هو يقول:

(تكاد لا تخلص أمة من الأمم لعرق واحد، وتكاد لا تكون أمة من الأمم لا تتكلم بلسان واحد. فليس الذي يكون الأمة، ويربط أجزاءها، ويوحد شعورها، ويوجهها إلى غايتها، هو هبوطها من سلالة واحدة. وإنما الذي يفعل ذلك هو تكلمها بلسان واحد. ولو وضعت أخوين شقيقين يتكلم كل واحد منهما بلسان. وشاهدت ما بينهما من اختلاف نظر، وتباعد تفكير، ثم وضعت شاميا وجزائريا - مثلا - ينطبقان باللسان العربي، ورأيت ما بينهما من اتحاد وتقارب في ذلك كله، لو فعلت هذا لأدركت بالمشاهدة الفرق العظيم بين الدم واللغة في توحيد الأمم - قالها سنة ١٩٣٦).

ولا يذهب - ابن باديس - بعيدا في التماس الحجة وإثبات الدليل، فراقع المستعمر حجة عليه: (وإذا نظرت إلى كثير من الأمم الأوروبية اليوم، وفي مقدمتها فرنسا، فإنك تجدها خليطا من دماء كثيرة، ولم يمنعها ذلك من أن تكون أمة واحدة لاتحادها فيما تتكون به الأمم - سنة ١٩٣٨). والمصلح العربي الجزائري، يستمد تأييده للعروبة من منابعها الأصيلة، ويستلهم فيها رسولها محمد صلى الله عليه وسلم، ويلتزم بذلك في الحديث النبوي

<<  <  ج: ص:  >  >>