الجديدة أيضا، انتقال الإفرنج (الصليبيين) من مواقع الدفاع إلى مواقع الهجوم. ورافق هذا التحول تمزق رهيب في العالم الإسلامي، فباتت كل بقعة من بقاع العالم الإسلامي مشغولة بأمور نفسها عن كل ما سواها. وضعف تنسيق التعاون فيما بين هذه البقاع (الأقاليم والأقطار). فكان في ذلك الانهيار المرعب الذي لا زالت جذوره تضرب في أعماق وجود العالم العربي الإسلامي.
ونجح الإفرنج الصليبيون في إخراج العرب المسلمين من الأندلس.
وانطلقت جحافل الأفرخ الصليبيين لضرب قواعد المسلمين ذاتها والاستيلاء عليها في الغرب الإسلامي. وتبع ذلك تحول على جبهات الصراع بسقوط القسطنطينية في أيدي الأتراك العثمانيين وظهور الإمبراطورية العثمانية واضطلاعها بواجب (الجهاد في سبيل الله) في البر والبحر.
واضطلعت جماهير الشعب العربي - الإسلامي بدورها في هذا الجهاد.
وتبع ذلك نوع من الركود على جبهات الصراع بفضل انصراف شعوب الغرب في معظم الأحيان إلى الحروب فيما بينها حتى جاءت الهجمة التالية في إطار (الاستعمار).
وخلال هذه المرحلة وجد المسلمون أنفسهم أمام مواقف مغايرة، فخاضوا غمار الحرب الشاملة على شكل حرب دفاعية غير متكاملة، في البر والبحر، ضمن ظروف غير متكافئة لا في حجم القوى والوسائط ولا في طبيعة الصراع وطرائقه. فكانت هذه الحروب الدفاعية هي (الحروب الثورية الإسلامية).