١٩٠٨، كان طلاب العلم في دمشق، ينهلون من علمه الغزير في (مكتب عنبر) و (المدرسة السلطانية).وكان (متكب عنبر) في تلك الفترة، موئل العلم ومنهل المعرفة ومنارة الهدى لكل الشباب الذين ينتظرهم مستقبل البلاد. وكان أساتذة هذا المعهد خيار من عرفهم العالم العربي الإسلامي، منهم الشيخ عبد القادر المبارك، ومنهم الشيخ محمد البشير الإبراهيمي الذي قال عنه أحد تلاميذه:(أعجبنا في الشيخ سعة علمه، وقوة ذاكرته، واستقامة منهجه، حتى ولد في نفوسنا حب اللغة العربية وآدابها).
ومن دمشق، ينتقل الشيخ الإبراهيمي إلى الحجاز، حتى إذا ما انتهت الحرب العالمية الأولى، عاد إلى موطنه الأصلي - الجزائر - ليتابع فيها جهده المخلص، وجهاده الصادق، مواكبا في مسيرته وعلى خط مواز جهد - ابن باديس - وجهاده. حتى إذا ما أقبلت سنة ١٩٣١، كان لقاء الخطوط المتوازية في (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين). وكان الشيخ الإبراهيمي باستمرار الصخرة الصلدة في مجابهة المخططات الاستعمارية الإفرنسية الرامية (لتدمير إسلام الجزائر وعروبتها) وحرمانها من أصالتها الذاتية. وعرضه هذا الأمر لإزعاجات السلطات الإفرنسية واضطهادها له، والتي لم يكن أقلها الاعتقال والسجن.
توفي ابن باديس. وكانت جمعية العلماء قد أصبحت تحت أحكام الحرب القاسية هامدة. وقد قررت التزام الصمت التام تجاه أحداث هذه الحرب، واستمر رجالها في ممارسة واجباتهم والاضطلاع بمسؤولياتهم في المدارس والمساجد.