وكان (الإبراهيمي العظيم) قد أخذته السلطة الإفرنسية عند بداية الحرب من تلمسان، وألقت به منفيا طريدا في (أفلو) الصحراوية النائية، ليذوق فيها العذاب الأليم. واجتمع العلماء بقسنطينة بعد أن غاب عنهم رائدهم ابن باديس واتفق الجميع على أن يكون نائب الرئيس البشير الإبراهيمي - رئيسا للجمعية. وأن يباشر عمله بمجرد إطلاق سراحه، ويكون له مركز الرئاسة على الفور. ولم تمض فترة طويلة حتى تم الإفراج عن الشيخ الإبراهيمي، فباشر عمله في رئاسة العلماء: فكان الرئيس، وكان المعلم، وكان الصحفي، وكان الكاتب، وكان الخطيب، وكان بإيجاز العقل المدبر والذراع المنفذ حتى قال عنه أحد علماء الجمعية (ما رأت جمعية من الجمعيات رئيسا كالبشير الإبراهيمي).
عندما تولى (الشيخ الإبراهيمي) رئاسة الجمعية، كانت الأسس قد ترسخت، والمبادىء قد ثبتت، فوجه الشيخ الإبراهيمي جهد الجمعية نحو التعليم العربي الحر، واندفع بجرأة غريبة وسط حماسة شعبية رائعة لتأسيس مدارس البنين والبنات، والحكومة مشدوهة لا تدري ماذا تفعل: أتقاوم المدارس مقاومة عامة وتوصد أبوابها، وعندئذ تجد نفسها لا محالة أمام ثورة عامة في ظروف غير مناسبة لها نتيجة ظروف الحرب ذاتها؟ أم تتساهل في أمر هذه المدارس مع إدراكها لخطورة هذا العمل وتأثيره العميق على مخططاتها الاستعمارية؟ وكان أن اتبعت سياسة مزيجة بين اللين والشدة، فكانت تتساهل في بعض الجهات، لتضطهد المدرسين ورجال التعليم في جهات أخرى. كل ذلك، ومركب التعليم