المدارس الاستعمارية والأحزاب السياسية المنحرفة، ويهاجم البدع التي ألصقت بالدين فقتلت المسلمين، ويهاجم ضلالات الطرقيين الضالين، مثل (زردات القبور)(١) وحفلات مواليد المشايخ الطرقيين، واعتقاد العامة في الشيخ وطريقته بما ينافي الدين، وغير ذلك من المفاسد الخلقية. وكانت لدروس الشيخ مبارك نتائجها العظيمة. فشاعت الثقافة، وانتشرت اللغة العربية وآدابها بين الأغواطيين. وأقبلوا على الدين - وكان أكثر الأغواطيين من قبل مرتبطين بالطرائق الصوفية المتنافرة والمتناحرة، فتطهرت عن طريق الشيخ مبارك عقائدهم. وتفتحت عيونهم على الحق والهدى. وعرفوا دين الله الحق فتمسكوا به، وطرحوا عنهم رداء الطرقية وانحرافها، وتنكروا لمنكراتها. وانضم معظم شباب الأغواط لحركة الإصلاح التي يستجيب لها العقل وتتفجر لها العاطفة. وكان الشيخ مبارك ينظم زيارات كبار العلماء الجزائريين للأغواط. من أجل إلقاء المحاضرات. فزار الشيخ عبد الحميد ابن باديس الأغواط، وحضر درس الشيخ مبارك في (الجامع العتيق) ثم تلاه بدرس بليغ هز نفوس الأغواطيين وترك فيهم أعمق الأثر. وكذلك فعل الشيخ محمد البشير الإبراهيمي والشيخ بيوض إبراهيم. وسارت الأغواط بذلك في ركب الإصلاح. وصارت من أنصار اللغة العربية وقاعدة صلبة من قواعد الدين (مما أهلها
(١) الزردات، جمع ومفردها زردة وهي طعام سنوي تصحبه أسواق للتجارة والفجور تقام حول قبور المشايخ، وتدوم أياما. وكان الاستعمار يأمر بها لإفساد الأخلاق، وتشويه الدين الإسلامي الحنيف. (نهضة الجزائر الحديثة - محمد علي دبوز - ٣/ ٢٥٩ - ٢٧٢).